حيّ مادي عنصري ـ جسم آخر أثيرى سيال شفاف أخف وألطف من الهواء هو برزخ بين الجسم المادي الثقيل ، والروح المجرد الخفيف ، ولعلّ هذا هو الجسم البرزخي الذي يسأل في القبر ويحاسب ، وينعّم ان كان تقياً ويعذّب ان كان شقياً ويبقى في نعيم أو حميم الى يوم البعث الى يوم القيامة الذي تعود فيه هذه الأبدان النعصريّة للحياة الابديّة وقد تلونا عليك من قبل انّ الحقائق الحكمية والدقائق الفلسفية لا تسعها العبارات اللفظية ، وأنّ الالفاظ لا يقتنض منها شوارد المعاني ، واوابد الاسرار ، ولكنها اذا كانت لا تحكي عن الحقيقة من كل وجه فقد تحكى عنها من وجه ، أرايتك حين تقول : روحي وجسدي وعقلي من تعنى بياء المتكلم ؟ ومن هو الذي تقصده بقولك ( أنا وأنت وهو ) وامثالها من الضمائر ؟ فهل تريد بقولك : أنا لهذا الجسد الخاص ولشخصيتك المعيّنة من الجسد والنفس ؟ اذاً فماذا تريد بقولك جسدى ؟ ومن هو الذي أضفت اليه جسدك أو اضفت جسدك أو نفسك أو عقلك اليه ؟
ثمّ هل تدبّرت حالك حين تتلو سورة من القرآن
؟ تحفظها في نفسك وتقرزها في خاطرك من دون ان تحرّك لسانك أو يظهر صوتك وأنت في تمام السكوت والسكون كانّ في داخلك شخصاً يقرأ ويتلو عليك بغير صوت ولا لسان فقد تقرأ سورة من الطوال أو قصيدة ساحية الاذيال مرتلاً لها ومترسلاً فيها واللسان صامت والمقول ساكت وقد قرأتها كلمة كلمة وتلوتها حرفاً حرفاً ، فمن ذا الذي املاها عليك ؟ وأين كانت مخزونة ومجتمعة ، ثم جاءت واحدة بعد واحدة متقطعة ، حقّاً انّ التفكرّ في هذه السلسلة سلسلة الفكر والذكر والحفظ والنسيان والتصور والتفكر والتصديق والشك واليقين وكل ما هو خارج عن المادة الجسمانية والاعضاء الحسية ، حقاً أنّ معرفة كل ما هو من هذا النطلق أمر لا يطاق ولا تصل أنسرة العقول مهما حلقت في سماء التفكير الى كبرياء معراجه ومفتاح رتاجه ،