السابعة ليلة المعراج ، ولما نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب ، فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله وطلق ابنته وتفل في وجهه ، وقال : كفرت بالنجم وبرب النجم ، فدعا صلىاللهعليهوآله عليه وقال : « اللهم سلط عليه كلبا من كلابك « فخرج عتبة إلى الشام فنزل في بعض الطريق ، وألقى الله عليه الرعب ، فقال لاصحابه : أنيموني بينكم (١) ، ففعلوا فجاء أسد فافترسه من بين الناس.
« ما ضل صاحبكم وما غوى » يعني النبي صلىاللهعليهوآله ، أي ما عدل عن الحق وما فارق الهدى ، وما غوى فيما يؤديه إليكم ، ومعنى غوى ضل ، وإنما أعاده تأكيدا ، وقيل : معناه ما خاب عن إصابة الرشد ، وقيل : ما خاب سعيه بل ينال ثواب الله وكرامته « وما ينطق عن الهوى » أي وليس ينطق بالهوى وميل الطبع « إن هو إلا وحي يوحى » أي ما القرآن وما ينطق به من الاحكام إلا وحي من الله يوحى إليه ، أي يأتيه به جبرئيل وهو قوله : « علمه شديد القوى » يعني جبرئيل ، أي القوي في نفسه وخلقته « ذو مرة » أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي ، قال : ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الاسود فرفعها إلى السمآء ، ثم قلبها ، ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا ، وقيل : معناه ذو صحة وخلق حسن ، وقيل : شديد القوى في ذات الله ، ذو مرة ، أي صحة من الجسم ، سليم من الآفات والعيوب ، وقيل : ذو مرة ، أي ذو مرور في الهواء ، ذهابا (٢) وجائيا ونازلا وصاعدا « فاستوى » جبرئيل عليهالسلام على صورته التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد صلىاللهعليهوآله (٣).
وفي قوله تعالى : « وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » أي ما أعطاكم الرسول من الفئ فخذوه وارضوا به ، وما أمركم به فافعلوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا ، فإنه لا يأمر ولا ينهى إلا عن أمر الله ، وروى زيد الشحام عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما أعطى الله نبيا من الانبياء شيئا إلا وقد أعطى محمدا (ص) ، قال لسليمآن عليهالسلام : « فامنن
____________________
(١) في المصدر : أنيمونى بينكم ليلا.
(٢) هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في الطبعة الحروفية والمصدر : ذاهبا.
(٣) مجمع البيان ٩ : ١٧٢ و ١٧٣.