من حرير الجنة ، تفوح منه رائحة المسكم الاذفر.
قال عبدالمطلب : كنت في الساعة التي ولد فيها رسول الله (ص) أطوف بالكعبة ، وإذا بالاصنام قد تساقطت وتناثرت ، والصنم الكبير سقط على وجهه ، وسمعت قائلا يقول : الآن (١) آمنة قد ولدت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما رأيت ما حل بالاصنام تلجلج لساني ، وتحير عقلي ، وخفق فؤادي حتى صرت لم أستطع الكلام ، فخرجت مسرعا اريد باب بني شيبة ، وإذا الصفا والمروة يركضان بالنور فرحا ، ولم أزل مسرعا إلى أن قربتت من منزلة آمنة ، وإذا بغمامة بيضآء قد عمت منزلها ، فقربت من الباب وإذا روائح المسك الاذفر والندر والعنبر قد عبقت (٢) بكل مكان حتى عمتني الرائحة ، فدخلت على آمنة وإذا بها قاعدة ، وليس عليها أثر النفاس ، فقلت : أين مولودك اريد أن أنظر إليه؟ قالت : قد حيل بيني وبينه ، ولقد سمعت مناديا ينادي : لا تخافي على مولودك ، وسيرد عليك بعد ثلاثة أيام (٣) ، فسل عبدالمطلب سيفه وقال اخرجي لي ولدي هذه الساعة وإلا علوتك به ، فقالت : إنهم قد دخلوا به هذه الدار ، قال عبدالمطلب : فهممت بالدخول إلى الدار إذ برزلي شخص من داخل الدار كأنه النخلة السحوق ، لم أر أهول منه ، وبيده سيف وقال لي : ارجع ليس لك إلى ذلك من سبيل ، ولا لغيرك حتى تنقضي زيارة الملائكة ، فخرجت خائفا مما رأيت من الاهوال.
قال صاحب الحديث : بلغنا أن الساعة التي ولد فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله طردت الشياطين والمردة هار بين ، ومنهم من غمي عليه (٤) ، ومنهم من مات ، وأما سطيح ووشق (٥) فماتا في تلك الليلة ، وأما زرقآء اليمامة فإنها كانت جالسة مع خدمها وجواريها إذ صرخت
_________________
(١) في المصدر : ألا أن.
(٢) قد أعبقت خ وهو الموجود في المصدر.
(٣) في المصدر : وقد أتانى آت فقال لى : يا آمنة لا تجزعى ولا تحزنى ولا تخرجى هذا المولود إلى ثلاثة أيام.
(٤) في المصدر : وخرجوا هاربين ، ومن الجن من غمى عليه.
(٥) ذكرنا قبل ذلك ان الصحيح : شق.