وسمعت منها تسبيحا (١) وخفقان أجنحة الملائكة ، فنزلت وأخذت ولدي فدمعت عيني ، ورجف قلبي ، وإذا أنا بقائل يقول : طوفوا بمحمد على مولد النبيين ، وأعرضوه على سائر المرسلين ، واعطوه صفوة آدم عليهالسلام ، ورأفة نوح عليهالسلام ، وحلم إبراهيم عليهالسلام ، ولسان إسماعيل عليهالسلام ، وجمال يوسف عليهالسلام ، وصبر أيوب عليهالسلام (٢) ، وصوت داود عليهالسلام ، وزهد يحي عليهالسلام ، وكرم عيسى عليهالسلام ، وشجاعة موسى عليهالسلام ، وأعطوه من أخلاق الانبيآء ، قالت آمنة : ورأيته قابضا على حريرة بيضآء مطوية طيا شديدا ، والمآء يخرج منها ، وقائل يقول : قبض محمد على الدنيا بأسرها ، ولم يبق شيئا إلا وقد دخل في قبضته ، قالت : فبينما أنا كذلك وإذا أنا بثلاثة نفر قد دخلوا علي والنور يظهر (٣) من وجوههم ، يكاد نورهم يخطف الابصار ، في يد أحدهم إبريق من فضة ، وفي يد آخر طست من زبرجد أخضر ، فوضع الطست بين يديه وقال له : يا حبيب الله اقبض من حيث شئت ، قالت آمنة : فنظرت إلى موضع قبضته ، فإذا هو قد قبض على وسطها ، قالت : فسمعت قائلا يقول : قبض محمد على الكعبة وما حولها ، ورأيت في يد الثالث حريرة مطوية ، وإذا بخاتم من نور يشرق كالشمس ، ثم حمل ولدي فناوله صاحب الطست ، وصب عليه الآخر من الابريق سبع مرات ، ثم ختم بذلك الخاتم بين كتفيه ، ثم لفه تحت جناحه ، وغيبه عني ، وكان ذلك رضوان خازن الجنان ، ثم أخرجه وتلكم في اذنه بكلام لا أفهمه ، ثم قبله ، وقال : أبشر يا محمد فإنك سيد الاولين والآخرين ، وأنت الشفيع فيهم يوم الدين ، ثم خرجوا و تركوه ، ثم رأيت ثلاثة أعلام منصوبة : واحد بالمشرق ، وواحد بالمغرب ، والثالث على الكعبة (٤) ، وتلك الاعلام من النور (٥) مثل قوس السحاب.
قالت آمنة : ثم رأيت بعد ذلك غمامة بيضآء قد نزلت من السمآء على ولدي ، و غيبته عني ساعة طويلة ، فلم أره ، فحن عليه قلبي ، وقد حيل بيني وبينه ، وكأني نائمة مما جرى عليه ، فبينا أنا كذلك وإذا بولدي قد ردوه علي ، وإذا به مكحول مقمط بقماط
_________________
(١) تصهيلا خ ل. وهو الموجود في المصدر.
(٢) في المصدر : وصبر يعقوب.
(٣) في المصدر : يزهر.
(٤) فكشف الله عن بصرى فرأيت ما هناك خ ، وهو الموجود في المصدر.
(٥) قائمة بين
السمآء والارض خ ، وفي المصدر : ورأيت علما من نور قائم بين السمآء والارض