في السمآء مسيرات لا يستقرون ، فأقام ذلك ثلاثين يوما.
قال الواقدي : فلما تم لرسول الله صلىاللهعليهوآله تسعة أشهر نظرت ام رسول الله (ص) آمنة إلى امها برة وقالت : يا اماه إني احب أن أدخل البيت فأبكي على زوجي ساعة وأقطر دمعي على شبابه وحسن وجهه ، فإذا دخلت البيت وحدي فلا يدخل علي أحد ، فقالت لهابرة : ادخلي يا آمنة فابكي ، فحق لك البكاء ، قال : فدخلت آمنة البيت وحدها وقعدت وبكت وبين يديها شمع يشتعل ، وبيدها مغزل من آبنوس ، وعلى مغزلها فلقة (١) من عقيق أحمر ، وآمنة تبكي وتنوح إذا أصابها الطلق ، فوثبت إلي الباب لتفتحه فلم ينفتح ، فرجعت إلى مكانها ، وقالت : واوحدتاه ، وأخذها الطلق والنفاس ، وما شعرت بشئ حتى انشق السقف ، ونزلت من فوق أربع حوريات ، وأضاء البيت لنور وجوههن ، وقلن لآمنة : لا بأس عليك يا جارية إنا جئناك لنخدمك ، فلا يهمنك (٢) أمرك ، وقعدت الحوريات واحدة على يمينها ، وواحدة على شمالها ، وواحدة بين يديها ، وواحدة من ورائها ، فهو مت عين آمنة وغفت غفوة ، قال ابن عباس : ما كان من أمر ام الصبي (٣) إلا أنها كانت نائمة عند خروج ولدها من بطنها ، فانتبهت ام النبي (ص) فاذا النبي تحت ذيلها ، قد وضع جبينه على الارض ساجدا لله ، ورفع سبابتيه مشيرا بهما لا إله إلا الله.
قال الواقدي : ولد رسول الله صلىاللهعليهوآله في ليلة الجمعة قبل طلوع الفجر في شهر ربيع الاول لسبعة عشر (٤) منه في سنة تسعة آلاف سنة وتسعمأة وأربعة أشهر وسبعة أيام من وفاة آدم عليهالسلام.
قال الواقدي : ونظرت امه آمنة إلى وجه رسول الله (ص) فإذا هو مكتحل العينين ، منقط الجبين والذقن ، وأشرق من وجنتي النبي صلىاللهعليهوآله نور ساطع في ظلمة الليل ، ومر
_________________
(١) الفلقة : القطعة.
(٢) في نسخة من المصدر : فلا يهتمك.
(٣) في المصدر : أم النبي صلىاللهعليهوآله.
(٤) في المصدر : ليلة سبعة عشر.