إلى الارض ، وإلى الاسود والاحمر والاصفر ، وإلى الصغير والكبير والذكر والانثى ، صاحب السيف القاطع ، والسهم النافذ ، فقلت لبعض الملائكة : من هذا تزعمون؟ فقال : ويلك (١) هذا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف ، فهذا ما رأيت ، فقال له عبدالمطلب : اكتم الرؤيا ولا تخبربه أحدا لننظر ما يكون.
قال الواقدي : فلما أتى على النبي صلىاللهعليهوآله في بطن امه ثمانية أشهر كان في بحر الهوآء حوتة يقال لها : طينوسا (٢) ، وهي سيدة الحيتان ، فتحركت الحيتان ، وتحركت الحوتة ، واستوت قائمة على ذنبها ، وارتفعت وارتقع الامواج عنها ، فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا ترى إلى ما تفعل طينوسا ولا تطيعنا ، وليس لنا بها قوة ، قال : فصاح إستحيائيل المل كصيحة عظيمة ، وقال لها : قري يا طينوسا ألا تعرفين من تحت ، فقالت طينوسا : يا إستحيائيل أمر ربي يوم خلقني إذا ولد محمد بن عبدالله استغفري له ولامته ، والآن سمعت الملائكة يبشر بعضهم بعضا فلذلك قمت وتحركت ، فناداها استحيائيل قري واستغفري ، فإن محمدا قد ولد ، فلذلك انبطحت (٣) في البحر ، وأخذت في التسبيح والتهليل والتكبير والثنآء على رب العالمين.
قال الواقعدي : فلما أتي على رسول الله صلىاللهعليهوآله في بطن امه تسعة أشهر أوحى الله إلى الملائكة في كل سمآء : أن اهبطوا إلى الارض ، فهبط عشرة آلاف ملك بيد كل ملك قنديل يشتعل بالنور بلادهن ، مكتوب على كل قنديل : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، يقرأه كل عربي كاتب ، ووقفوا حول مكة في المفاوز ، وإذا بهاتف يهتف ويقول : هذا نور محمد رسول الله (ص) ، قال : فورد الخبر على عبدالمطلب فأمر بكتمانه إلى أن يكون.
قال الواقدي : فلما كملت تسعة أشهر لرسول الله صلىاللهعليهوآله صار لا يستقر كوكب في السمآء إلا من موضع إلى موضع يبشرون بعضهم بعضا (٤) ، والناس ينظرون إلى الكواكب
_________________
(١) في المصدر : ويحك.
(٢) لعل هذه الحوتة أيضا من مختلقات الواقدى ، كما تقدم أغرب منها عن كعب الاحبار.
(٣) انبطح الرجل ، انطرح على وجهه.
(٤) لعل المراد أن سكان النجوم يبشر بعضهم بعضا.