وقيل :بإهلاك قوم لوط « قالوا سلاما » أي سلمنا سلاما ، أوأصبت سلاما ، أي سلامة « فضحكت » أي تعجبا من غفلة قوم لوط مع قرب نزول العذاب بهم ; أو من امتناعهم عن الاكل وخدمتها إياهم بنفسها. وقيل : ضحكت لانها قالت لابراهيم : اضمم إليك ابن أخيك (١) إني أعلم أنه سينزل بهؤلاء عذاب فضحكت سرورا لما أتى الامر على ما توهمت ; وقيل : تعجبا وسرورا من البشارة بإسحاق لانها كانت هرمت وهي بنت ثمان وتسعين أو تسع وتسعين ، وقد كان شاخ زوجها ، وكان ابن تسع وتسيعن سنة أو مائة سنة ; وقيل : مائة وعشرين سنة ، ولم يرزق لهما ولد في حال شبابهما ، ففي الكلام تقديم وتأخير ، وروي ذلك عن أبي جعفر (ع) « ومن وراء إسحاق » أي بعد إسحاق ، وعن ابن العباس : الوراء ولد الولد ; وقيل : إن ضحكت بمعنى حاضت ، وروي ذلك عن الصادق (ع) يقال : ضحكت الارنب أي حاضت « رحمت الله » خبر أودعاء « يجادلنا » أي يجادل رسلنا ويسائلهم « في قوم لوط » بما سيأتي في الاخبار ، أو يسألهم بم يستحقون العذاب؟ وكيف يقع عليهم؟ وكيف ينجي الله المؤمنين؟ فسمي الاستقصاء في السؤال جدالا ، فقالت الملائكة : « يا إبراهيم أعرض عن هذا » القول « إنه قد جاء أمر ربك » بالعذاب فهو نازل بهم لا محالة. (٢)
« هذا البلد » يعني مكة وما حولها من الحرم « رب إنهن أضللن » أي ضل بعبادتهن كثير من الناس « فمن تبعني فإنه مني » أي من تبعني من ذريتي التي أسكنتهم هذا البلد على ديني في عبادة الله وحده فإنه من جملتي وحاله كحالي « فإنك عفور رحيم » أي ساتر على العباد معاصيهم ، رحيم بهم في جيمع أحوالهم ، منعم عليهم « ربنا إني أسكنت من ذريتي » يريد إسماعيل مع امه هاجر وهو أكبر ولده ، وروي عن الباقر صلىاللهعليهوآله أنه قال : نحن بقية تلك العترة ، وقال : كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة « بواد غير ذي زرع » يريد وادي مكة وهو الابطح إذ لم يكن بها يومئذ ماء ولا زرع ولا ضرع « عند بيتك المحرم » أضاف البيت إليه إذ لم يملكه أحد سواه ، ووصفه بالمحرم لانه لا يستطيع أحد الوصول
__________________
(١) هذا مبنى على ما ذكره الثعلبى وغيره من أن لوطا كان ابن اخى ابراهيم وهو لوط بن هاران بن تارخ ; منه قدسسره. قلت : قاله النعلبى في العرائس ص ٦١ ، وقال اليعقوبى : كان لوط ابن أخيه خاران بن تارخ.
(٢) مجمع البيان ٥ : ١٧٩ ـ ١٨١. م