به ، ولعله تعالى سبب ذلك تأييدا للعصمة وإلقاء للحجة التي يحتج بها يوسف (ع) ليها كما أوما إليه الرازي أيضا.
الفصل الثالث : في معنى سجودهم له عليهالسلام.
اقول : قد ذكرنا بعض مايناسب هذا المقام في باب سجود الملائكة لآدم عليهالسلام وقد أوردنا في هذا الباب الذي نحن فيه الاخبار الواردة في توجيه ذلك ، ولذكر هنا ما ذكره الرازي في هذا المقام لكمال الايضاح ، قال : وأما قوله : « وخروا له سجدا » ففيه إشكال ، وذلك لان يعقوب كان أبا يوسف وحق الابوة حق عظيم ، قال تعالى : « وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا » (١) فقرن حق الوالدين بحق نفسه ، وأيضا أنه كان شيخا والشاب يجب عليه تعظيم الشيخ. والثالث : أنه كان من أكابر الانبياء ، ويوسف وإن كان نبيا إلا أن يعقوب كان أعلى حالا منه. والرابع : أن جده واجتهاده في تكثير الطاعات أكثر من جد يوسف ، ولما اجتمعت هذه الجهات الكثيرة فهذا يوجب أن يبالغ يوسف في خدمة يعقوب ، فكيف استجاز يوسف أن يسجد له يعقوب؟ هذا تقرير السؤال. والجواب عنه من وجوه :
الاول وهو قول ابن عباس في رواية عطا : أن المراد بهذه الآية أنهم خروا له ، أي لاجل وجدانه سجدا لله ، وحاصله أنه كان ذلك سجود الشكر ، فالمسجود له هو الله إلا أن ذلك السجود إنما كان لاجله ، والدليل على صحة هذا التأويل أن قوله : « ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا » مشعر بأنهم صعدوا ذلك السرير ثم سجدوا ، ولو أنهم سجدوا ليوسف لسجدوا له قبل الصعود على السرير ، لان ذلك أدخل في التواضع.
فإن قالوا : هذا التأويل لا يطابق قوله : « يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل » والمراد منه قوله : إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين « قلنا : بل هذا مطابق له ، ويكون المراد من قوله » : والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين أي رأيتهم ساجدين لاجلي ، أي أنها سجدت لله لطلب مصلحتي والسعي في إعلاء منصبي ، وإذا كان هذا
__________________
(١) الاسرا : ٢٣.