صنم صنم فيقول له : كل وتكلم ، فإذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الاصنام ، ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر ، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الاصنام مكسرة ، فقالوا : « من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين » فقالوا : ههنا « فتى يذكرهم يقال له إبراهيم » وهو ابن آزر فجاؤوا به إلى نمرود فقال نمرود لآزر : خنتني وكتمت هذا الولد عني ، فقال : أيها الملك هذا عمل امه و ذكرت أنها تقوم بحجته ، فدعا نمرود ام إبراهم فقال لها : ماحملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا مافعل؟ فقالت أيها الملك : نظرا مني لرعيتك ، قال : و كيف ذلك؟ قالت : رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت : إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله ويكف عن قتل أولاد الناس ، وإن لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا ، وقد ظفرت به فشأنك ، فكف عن أولاد الناس فصوب رأيها ، ثم قال لابراهيم : « من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم » قال إبراهيم : « فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون » فقال الصادق عليهالسلام : والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم ، فقيل : فكيف ذلك؟ فقال : إنما قال : فعله كبيرهم هذا إن نطق ، وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا ، فاستشار نمرود قومه في إبراهيم فقالوا له : « حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين » فقال الصادق عليهالسلام : كان فرعون إبراهيم وأصحابه لغير رشدة ، فإنهم قالوا لنمرود : « حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين » وكان فرعون موسى (١) وأصحابه لرشدة فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا : « أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم » فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقي فيه نمرود إبراهيم في النار برز نمرود وجنوده ، وقد كان بني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم كيف تأخذه النار ، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لانه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار ، وكان الطائر (٢) إذا مر في الهواء يحترق ، فوضع إبراهيم عليهالسلام في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له : ارجع عما أنت عليه ، وأنزل الرب (٣) إلى السماء الدنيا ، ولم يبق شئ إلا طلب
__________________
(١) في نسخة : بخلاف فرعون موسى.
(٢) نسخة : لانه لم يقدر أحد أن يقرب عن تلك غلوة سهم ، وكان الطائر من مسيرة فرسخ يرجع عنها.
(٣) في المصدر : ملائكته إلى السماء اه. م