شيئا ولا ينفعك ولا يضرك « صراطا سويا » أي طريقا مستقيما « عصيا » أي عاصيا « أن يمسك » أي يصيبك « فتكون للشيطان وليا » أى موكولا إليه وهو لا يغني عنك شيئا ؛ وقيل : أي لا حقا بالشيطان في اللعن والخذلان « أراغب » أي معرض « أنت عن » عبادة « آلهتي لارجمنك » بالحجارة ; وقيل : لارمينك بالذنب والعيب وأشتمنك ; وقيل : لاقتلنك « واهجرني مليا » أي فارقني دهرا طويلا ; وقيل : مليا سويا سليما من عقوبتي « قال سلام عليك » سلام توديع وهجر على ألطف الوجوه ; وقيل : سلام إكرام وبر تأدية لحق الابوة.
« سأستغفر لك ربي » فيه أقوال : أحدها : أنه إنما وعده بالاستغفار على مقتضى العقل ، ولم يكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركين. وثانيها : أنه قال : سأستغفر لك على ما يصح ويجوز من تركك عبادة الاوثان ، وثالثها : أن معناه : سأدعو الله أن لا يعذبك في الدنيا.
« إنه كان بي حفيا » أي بارا لطيفا رحيما « واعتزلكم وما تدعون من دون الله » أي اتنحى منكم جانبا وأعتزل عبادة الاصنام « وأدعو ربي » أي وأعبده « عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا » كما شقيتم بدعاء الاصنام ، وإنما ذكر عسى على وجه الخضوع ; وقيل : معناه : لعله يقبل طاعتي ولا أشقى بالرد ، فإن المؤمن بين الرجاء و الخوف. (١)
« رشده » أي الحجج التي توصله إلى الرشد بمعرفة الله وتوحيده ، أو هداه أي هديناه صغيرا ; وقيل : هو النبوة « من قبل » أي من قبل موسى أو محمد ، أو من قبل بلوغه « وكنا به عالمين » أنه أهل لذلك « إذ قال لابيه وقومه » حين رآهم يعبدون الاصنام « ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون » أي ما هذه الصور التي أنتم مقيمون على عبادتها ، والتمثال اسم للشئ المصنوع مشبها بخلق من خلق الله ; قيل : إنهم جعلوها أمثلة لعلمائهم الذين انقرضوا ; وقيل : للاجسام العلوية « قالوا وجدنا » اعترفوا بالتقليد إذ لم يجدوا حجة لعبادتهم إياها « في ضلال مبين » في ذهاب عن الحق ظاهر « قالوا أجئتنا بالحق » أي
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٥١٦ ـ ٥١٧. م