وأما الجمع بين الاخبار فيمكن حمل الاخبار الدالة على المذهب الثاني على التقية بأن يكون زمان صدور الخبر هذا القول أشهر بين علماء المخالفين ، ويمكن حمل بعضها على مامر في الخبر من تمني الذبح ، ويمكن الجمع أيضا بالقول بوقوعهما معا إن لم ينعقد إجماع على كون الذبيح أحدهما.
وقال الكليني بعد أن أورد رواية عقبة بن بشير عن أحدهما عليهماالسلام : إن إبراهيم (ع) أذن في الناس بالحج ، وكان أول من أجابه من أهل اليمن ، قال : وحج إبراهيم عليهالسلام هو وأهله وولده ; وقال : فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن ههنا كان ذبحه.
وذكر عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبدالله عليهماالسلام يزعمان أنه إسحاق ، وأما زرارة فزعم أنه إسماعيل. (١)
وغرضه رحمهالله من هذا الكلام رفع استبعاد عن كون إسحاق ذبيحا بأن إسحاق كان بالشام ، والذي كان بمكة إسماعيل عليهالسلام ، فكون إسحاق ذبيحا مستبعد ، فدفع هذا الاستبعاد بأن هذا الخبر يدل على أن إبراهيم عليهالسلام قد حج مع أهله وولده ، فيمكن أن يكون الامر بذبح إسحاق في هذا الوقت ، ويظهر منه رحمهالله أنه في ذلك من المتوقفين. (٢)
وقال الطبرسي رحمهالله : ومن قال : إن الذبيح إسماعيل فمنهم محمد بن إسحاق بن بشار ، (٣) وذكر أن إبراهيم كان إذا زار إسماعيل وهاجر حمل على البراق فيغدو من الشام فيقيل بمكة ، ويروح (٤) من مكة فيبيت عند أهله بالشام حتى إذا بلغ السعي اري في
__________________
(١) فروع الكافى ١ : ٢٢١. م
(٢) لا يستفاد منه توقفه قدسسره ، لانه ذكر دليل المخالف فقط من دون أن يوعز إلى الخلاف أو الوفاق فيمكن أن يكون قدسسره اكتفى بالشهرة أو الاجماع بين الامامية من أنه اسماعيل.
(٣) هكذا في النسخ وهو مصحف والصحيح محمد بن اسحاق بن يسار وهو محمد بن اسحاق بن يسار أبوبكر المطلبى مولاهم المدنى نزيل العراق إماما لمغازى ، أورده الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام ، وقال : روى عنهما ، وترجمع العامة في كتبهم وبالغوا في الثناء عليه ، وارخ وفاته الشيخ في سنة احدى وخمسين ومائة وابن حجر في سنة ١٥٠.
(٤) يقيل أى ينام في القائلة أى منتصف النهار. يروح أى يذهب في الرواح أى العشى.