« لقد أرسلنا رسلنا » أي الملائكة إلى الانبياء ، أو الانبياء إلى الامم « بالبينات » بالحجج « وأنزلنا معهم الكتاب » ليبين الحق ويميز صواب العمل « و الميزان » ليسوى به الحقوق ويقام به العدل ، كما قال : « ليقوم الناس بالقسط : إنزاله إنزال أسبابه والامر بإعداده ، وقيل : أنزل الميزان إلى نوح ، ويجوز أن يراد به العدل ليقام به السياسة ويدفع به الاعداء ».
« وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب » بأن استنبأناهم وأوحينا إليهم الكتاب ، وقيل : المراد بالكتاب الخط « فمنهم » أي من الذرية أو من المرسل إليهم. (١)
« كتب الله » (٢) في اللوح « لاغلبن » أي بالحجة. (٣)
« بالخاطئة » أي الخطاء ، أو بالفعلة ، أوالافعال ذات الخطاء « أخذة رابية » (٤) زائدة في الشدة زيادة أعمالهم في القبح. (٥)
« فلا يظهر على غيبه أحدا » قال الطبرسى : أي لا يطلع على الغيب أحدا من عباده « إلا من ارتضى من رسول » يعني الرسل ، فإنه يستدل على نبوتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية معجزة لهم ، ومعناه : إلا من ارتضاه واختاره للنبوة والرسالة ، فإنه يطلعه على ماشاء من غيبه « فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا » والرصد : الطريق ، أو جمع راصد بمعنى الحافظ ، أي يجعل له إلى علم من كان قبله من الانبياء والسلف وعلم ما يكون بعده طريقا ، أو يحفظ الذي يطلع عليه الرسول فيجعل بين يديه وخلفه رصدا من الملائكة يحفظون الوحي من أن تسترقه الشياطين فتلقيه إلى الكهنة ، وقيل : رصدا من بين يدي الرسول ومن خلفه ، وهم الحفظة من الملائكة يحرسونه عن شر الاعداء وكيدهم ، وقيل : المراد به جبرئيل عليهالسلام ، أي يجعل من بين يديه ومن خلفه رصدا كالحجاب تعظيما لما يتحمله
ـــــــــــــــ
(١) انوار التنزيل ٢ : ٢١٢. م
(٢) قال السيد الرضى قدسسره في التلخيص : المراد بالكتابة ههنا الحكم والقضاء وانما كنى تعالى عن ذلك بالكتابة مبالغة في وصف ذلك الحكم بالثبات ، وأن بقاءه كبقاء المكتوبات.
(٣) انوار التنزيل ٢ : ٢١٥. م
(٤) قال السيد قدسسره : المراد بالرابية ههنا الغالبة القاهرة من قولهم : ربا الشئ : اذا زاد ، والرباء مأخوذ من هذا ، فكأن تلك الاخذة كانت قاهرة لهم وغالبة عليهم
(٥) انوار التنزيل ٢ : ٢٣٥ م