أي بقي بعد النبيين المذكورين قوم سوء من اليهود ومن تبعهم « أضاعوا الصلاة » أي تركوها أو أخروها عن مواقيتها وهو المروي عن أبي عبدالله عليهالسلام « واتبعوا الشهوات » فيما حرم عليهم « فسوف يلقون غيا » أي مجازاة الغي ، وقيل : أي شرا وخيبة. (١)
« ما آمنت قبلهم » أي لم يؤمن قبل هؤلاء الكفار « من » أهل « قرية » جاءتهم الآيات التي طلبوها فأهلكناهم مصرين على الكفر « أفهم يؤمنون » عند مجيئها ، هذا إخبار عن حالهم وأن سبيلهم سبيل من تقدم من الامم طلبوا الآيات فلم يؤمنوا بها واهلكوا ، فهؤلاء أيضا لو أتاهم ما اقترحوا لم يؤمنوا واستحقوا عذاب الاستيصال ، وقد حكم الله في هذه الامة أن لا يعذبهم عذاب الاستيصال (٢) فلذلك لم يجبهم في ذلك ، وقيل : ما حكم الله سبحانه بهلاك قرية إلا وفي المعلوم أنهم لا يؤمنون ، فلذلك لم يأت هؤلاء بالآيات المقترحة.
« وما جعلناهم جسدا » الجسد : المجسد الذي فيه الروح ويأكل يشرب ، وقيل مالا يأكل ولا يشرب « ثم صدقناهم الوعد » أي أنجزنا ما وعدناهم به من النصر والنجاة والظهور على الاعداء ، وما وعدناهم به من الثواب « فأنجيناهم ومن نشاء » أي من المؤمنين بهم « وأهلكنا المسرفين » على أنفسهم بتكذيبهم الانبياء. (٣)
« فأمليت للكافرين » أي أخرت عقوبتهم وأمهلتهم « ثم أخذتهم » أي بالعذاب « فكيف كان نكير » استفهام للتقرير ، أي فكيف أنكرت عليهم ما فعلوا من التكذيب ، فأبدلتهم بالنعمة نقمة ، وبالحياة هلاكا؟ « فكأين من قرية » أي وكم من قرى « أهلكناها وهي ظالمة » أي وأهلها ظالمون بالتكذيب والكفر « فهي خاوية على عروشها » أي خالية من أهلها ، ساقطة على سقوفها « وبئر معطلة » أي وكم من بئر باد أهلها وغار ماؤها ، وتعطلت من دلائها « وقصر مشيد » أي وكم من قصر رفيع مجصص تداعى للخراب بهلاك أهله ،
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٦ : ٥١٩. م
(٢) حكم الله بذلك في قوله : وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغرون الانفال : ٣٣.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٣٩ ـ ٤٠. م