لقد شهد البرهان لكل مقطع من مقاطعها
بالصدق ووحكمت الفطرة على اكثرها بالثبوت ، واستبان العقل صحة النتائج من أجل صحة الموازين فلا شك ولا ريبة في شيء منها أبداً.
فماذا بعد ذلك ؟ وماهي النهاية الأخيرة ؟.
لقد مات من غبر من الناس ، وسيفنى
الموجود منهم وسيلحق بالقافلة من سيوجد بعد ، نعم وستطوى هذي الحياة وتنطمس معالمها وتعفى آثارها ، فهل هذه هي النهاية الأخيرة ؟
إذن فأين جلبة تلك الأحكام ؟ وأين قعقعة
تلك الحجج ؟.
الأحكام التي وضعها الشرع والحجج التي
أقامها العقل وعضدتها الفطرة ..
إن الله حكيم ... ولا حدّ لحكمته.
وان الله عدل ... ولا منتهى لعدله.
وان الله غني .. ولا منقطع لغناه. ولا
مراء في ذلك كله.
والله هو مشرع الدين لهذا الانسان. وفروض
الدين انما هي اوامره ، ومحرمات الدين إنما هي منهياته ، وحدود الدين انما هي حرماته. ولا ريب في شيء من ذلك كله أيضاً.
فلو قدرنا ان الموت هو النهاية. هو
النهاية الكبرى ، التي ليست وراءها منقلب وليس بعدها مصير ؛ لخوى تشريع الله من الحكمة ولحاف عدل الله في الجزاء أو قصرت ملكته عن الوفاء.
وإذن فلا مناص من أن ننتظر وراء الموت
منقلباً آخر يوفى فيه المطيع ثواب إطاعته ويلقى المفرط جزاء تفريطه وتضييعه.