( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) (١).
* * *
من فكرة التوحيد العامة التي قبسها الإسلام من الوحدة الكونية الكبرى. وحدة الكون في العناصر ، واتساقه في الانظمة وتجانسه في الغايات. ثم تداخل انظمته هذا التداخل الشديد حتى لاتكاد تفترق ، وترابط غاياته هذا الترابط الوثيق حتى لاتكاد تتعدد ، وانسجام الموجودات فيه على التآلف ، وإمداد بعضها بعضاً بالعون. ثم خضوع كل ما في الكون من القوانين لقانون ، وانصياع كل مافيه من الأشياء والحركات لارادة.
من فكرة التوحيد العامة التي قبسها الإسلام من هذه الوحدة الكبرى نشأت فكرة المجتمع في هذا الدين ، وعلى هذا الإسلاس البعيد الغور العميق الجذور شد أواصر الانسان بمن حوله من أناسي ، وبما أحاط به من أحياء وبما اكتنف به من أشياء ، وعالج مشكلاته بما هو جزء من الكون لا ينفصل ، وبما هو خاضع للطبيعة لا يستقل ، ونظر في اموره بما هو كائن يشده الى الأرض جسد مخلوق من عناصر المادة ، وتصله بالسماء نفس لها روحانية الملائكة ، وتوقره الحياة بغرائز لا يرتفع بها عن صنوف الحيوان ، وترفده الانسانية بخصائص لا يسمو اليها شيء من الموجودات.
__________________
١ ـ البقرة ، الآية ٢٨٥.