بل ويسمو الاسلام على ذلك الى البر بهم والاحسان الى ضعفائهم :
( لَّا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (١).
والحقد والشنآن كذلك لا يسوّغان لأحد من أتباع هذا الدين أن يرتكب مع مناوئيه ما يخالف عدل الاسلام ، وأن ينحدر الى شهوة الانتقام وبؤرة التشفي فإن المسلم أزكى من ذلك نفساً وأطهر قلباً :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (٢).
والحقد والشنآن ذاتهما موضوعان لنظرة العدل في الاسلام ، فلا يحقد المؤمن إلا في الحق ولا يبغض الا في الله. وطبيعي أن يتحدد هذا الحقد وهذا البغض بمقدار ما يقتضيه الحق وما يأمر به الله ، وطبيعي أن تنحصر بوادرهما ونتائجهما في ضمن هذه الحدود. ومشانأة أحد للمسلمين لاتعني أن الشانيء مجانب للحق في جميع احواله ، وواجب المؤمن هو مراعاة الحق أنّى كان وأين وجد.
وإذا قعد الضعف الانساني بأحد عن هذه الغاية ومالت به الاغراض عن الله في كراهته وحقده ، فلا ينتظر من دين الله إن يميل عن الحق لميل أحد اتباعه ، على انه لايهتم بحقوق المناوئين قدر اهتمامه بما تتركه رعاية هذه
__________________
١ ـ الممتحنة ، الآية ٨.
٢ ـ المائدة ، الآية ٨.