ومندمجة في حدوده
فكيف يطمع ان يدرك حقيقة واجب الوجود أو أن يحيط بكنه صفاته ؟.
انها محاولة مستحيلة مافي ذلك شك.
ولكننا اذا أحلنا هذا على العقل الانساني
لأنه لايملك الوسائل التي تبلغه اليه ، أفنحيل عليه كذلك ان يدرك ان الواحد لايمكن ان يكون متعدداً ، وأن البسيط لايسوغ ان يكون مركباً ، وأن الكامل لا يجوز أن يكون ناقصاً ، وان الاله الحكيم العادل لا يعقل ان يكون ظالماً ؟. أنحيل عليه ان يدرك ان الموجود اذا وجبت له صفة معينة امتنع عليه ان يتصف بضدها ؟.
ان هذه أمور تدخل في حدود البداهة فليست
تخفى على عقل ولا يسعه أن يرتاب في واحد منها ، وهي بذاتها عين النتائج التي تحدثنا عنها.
باريء الكون غني بذاته عن كل شيء ، ولا
حدّ ولا أمد لغناه ، فكل ما يغمر جهات العوالم من خير وبركة ، وما يملأ رحال الآفاق من عناصر وقوى ، وما يزخر به واسع الفضاء من أفلاك وأجرام ، وما يزحم مناكب الأرض من حيّ وجامد ، وما يسد فروجها من معادن وخزائن فهو فيض من غناه وبسط من جوده ، ثم لو قدرنا الفناء على جميع هذه المكونات لم ينقص من غنائه مثقال ذرة ، ولو أضيفت اليها أضعافها وأضعافها لم يزد ذلك في ملكوته قيد شعرة :
(
يَا
أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ * إِن
يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا
ذَٰلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ
) .
__________________