والرسل المطهرون من مبدأهم الى ختامهم انما يدعون الى اعتناق ملة واحدة لا تشعب فيها والى عبادة ربّ واحد لاشريك معه :
( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) (١).
وقد جرى الإسلام على هذه الفكرة لما لازم بين اديان السماء في العقيدة وربط مابينها في الايمان ، فالمؤمن لن يكون مؤمناً حقاً حتى يصدق بكل من بعث الله من نبي وبكل ماانزل الى الانبياء من كتاب وبكل ماأوحى اليهم من شريعة :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) (٢).
( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (٣).
وقد جرى عليها ايضاً لما سبر الانسان من اضعف مشاعره الى اقوى صلاته ، ومن ادنى خواطره الى ابعد غاياته ، ثم وازن بين غرائزه القوية والضعيفة حين تتصادم ، وبين غاياته القريبة والبعيدة حين تتقابل ، وحين صعد نظرته في الانسان الى حدوده العليا ثم صوبها الى حدوده السفلى ،
__________________
١ ـ المؤمنون ، الآية ٥٢ ، ٥١.
٢ ـ النساء ، الآية ١٣٦.
٣ ـ البقرة ، الآية ١٣٦.