لست منهم في شيء ..
إنها المقاطعة التي تعلن بها الحرب .. وانها القذيفة الاولى التي تبتدأ بها.
ليس الرسول منهم في شيء ، وإذا لم يكن الرسول منهم في شيء فليسوا من الحق ولا من العزة ، ولا من النصرة ، ولا من المنعة ، ولا من لطف الله الشامل ورحمته الواسعة ، ليسوا من هذه كلها في شيء .. إنما امرهم الى الله ... الى الله وكفى ، فهو ولي أعمالهم وهو ولي جزائهم ، وإذا كان دين الله هو السبيل المستقيم الذي ينتهي بالانسان إلى رشده ويفضي به إلى كماله فالتفرق ـ لامحالة ـ ينحرف بالانسان عن الاستقامة ويخرج به عن السبيل ويبتعد به عن الغاية.
والقرآن يذكر المتفرقين من أهل الأديان ، ويذكر البواعث التي فرقتهم ، والمعرات التي لزمتهم ، يذكر ذلك ويشرحه ويكرره في كثير من المناسبات ليعتبر المؤمنون بما حدث ، وليحذروا الانزلاق إلى مثله ، فان البواعث بذاتها هي البواعث وان التبعات بأعيانها هي التبعات :
( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (١) .. ( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) (٢).
التفرق شؤم مصدره البغي وسبيله الضلال وغايته العذاب العظيم والتفرق خروج على نظام الوحدة الذي بنى عليه الإسلام ، وفصم لعرى
__________________
١ ـ آل عمران ، الآية ١٠٥.
٢ ـ الشورى ، الآية ١٤.