أو العلم الذي اوتيته « لا حجة بيننا وبينكم » أي لا حجاج بمعنى لا خصومة ، إذ الحق قد ظهرلم يبق للمخاصمة مجال « والذين يحاجون في الله » في دينه « من بعد ما استجيب له » من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه ، أو من بعد ما استجاب الله لرسوله فأظهر دينه بنصره يوم بدر ، أو من بعدما استحاب له أهل الكتاب بأن أقروا بنبوته واستفتحوا به « حجتهم داحضة » زائلة باطلة. (١)
« فإن يشأ الله يختم على قلبك » استبعاد للافتراء عن مثله بالاشعار على أنه إنما يجترئ عليه من كان مختوما على قلبه ، جاهلا بربه ، وكأنه قال : إن يشأ الله خذلانك يختم على قلبك لتجترئ بالافتراء عليه ، وقيل : « يختم على قلبك » يمسك القرآن والوحي عنه أو يربط عليه بالصبر فلا يشق عليك أذاهم. (٢)
« وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا » يعني ما أوحى إليه وسماه روحا لان القلوب تحيى به ، وقيل : جبرئيل عليهالسلام ، والمعنى : أرسلناه إليك بالوحي « ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان » أي قبل الوحي ، وهو دليل على أنه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع ، وقيل : المراد هو الايمان بما لا طريق إليه إلا السمع « ولكن جعلناه نورا » أي الروح ، أو الكتاب ، أو الايمان. (٣)
وفي قوله : « وإنه » عطف على إنا « في ام الكتاب » في اللوح المحفوظ ، فإنه أصل الكتب السماوية « لدينا » محفوظا عندنا عن التغيير « لعلي » رفيع الشأن في الكتب السماوية ، لكونه معجزا من بينها « حكيم » ذو حكمة بالغة ، أو محكم لا ينسخه غيره « أفنضرب عنكم الذكر صفحا » أفنذوده ونبعده عنكم ، مجاز من قولهم : ضرب الغرائب عن الحوض ، والفاء للعطف على محذوف ، أي أنهملكم فنضرب عنكم الذكر؟ وصفحا مصدر من غير لفظه ، فإن تنحية الذكر عنهم إعراض ، أو مفعول له ، أو حال بمعنى صافحين « وأصله أن تولي الشئ صفحة عنقك ، وقيل : إنه بمعنى الجانب فيكون ظرفا « إن كنتم » أي لئن كنتم « فأهلكنا أشد منهم بطشا » أي من القوم المسرفين ،
____________________
(١) أنوار التنزيل ٢ : ٣٩٥ و ٣٩٦.
(٢) أنوار التنزيل ٢ : ٣٩٨.
(٣) أنوار التنزيل ٢ : ٤٠٢.