وفي قوله : « كالظلل » شبه الموج بالسحاب الذي يركب بعضه على بعض ، و قيل : يريد كالجبال « فمنهم مقتصد » أي عدل في الوفاء في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له ، روى السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلىاللهعليهوآله الناس إلا أربعة نفر قال : اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة : عكرمة بن أبي جهل ، وعبدالله بن أخطل ، وقيس بن سبابة ، وعبدالله بن أبي سرح ، فأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم ريح عاصفة ، فقال أهل السفينة : أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا ، فقال عكرمة : لئن لم ينجني في البحر إلا الا خلاص ما ينجني في البر غيره ، اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه إني آتي محمدا حتى أضع يدي في يده ، فلاجدنه عفوا كريما ، فجاء فأسلم. والختر : أقبح الغدر. (١)
وفي قوله : « ما ( أتهم؟ ) من نذير من قبلك » يعني قريشا ، إذ لم يأتهم نبي قبل نبينا صلىاللهعليهوآله ، وإن أتى غيرهم من قبائل العرب مثل خالد بن سنان العبسي ، وقيل عني أهل الفترة بين عيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله لم يأتهم نبي قبله « في ستة أيام » أي فيما قدره ستة أيام « ثم استوى على العرش » بالقهر والاستعلاء. (٢)
وفي قوله : « اولئك لهم عذاب من رجز » أي سئ العذاب « أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والارض » كيف أحاطت بهم وذلك أن الانسان حيثما نظر رأى السماء والارض قدامه وخلفه وعن يمينه وشماله ، فلا يقدر على الخروج منها « كسفا » من السماء أي قطعة منها تغطيهم وتهلكهم. (٣)
« وما له منهم من ظهير » أي ليس له سبحانه منهم معاون على خلق السماوات والارض ولا على شئ من الاشياء « وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين » إنما قال ذلك على وجه الانصاف في الحجاج دون الشك ، كما يقول القائل : أحدنا كاذب ، وإن كان هو عالما بالكاذب « ثم يفتح بيننا » أي يحكم بالحق. (٤)
____________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٣٢٣.
(٢) ٨ : ٣٢٥ و ٣٢٦.
(٣) ٨ : ٣٧٧ و ٣٧٩.
(٤) ٨ : ٣٨٩ و ٣٩٠.