يوجهونها إلي. والثاني : أن معناه : فهؤلاء الذين فضلهم الله في الرزق من الاحرار لا يرزقون مماليكهم ، بل الله رازق الملاك والمماليك ، فإن الذي ينفقه المولى على مملوكه إنما ينفقه مما يرزقه الله ، فهم سواء في ذلك. (١)
وفي قوله : « ومن رزقناه منا رزقا حسنا » يريد حرا رزقناه وملكناه مالا ونعمة « فهو ينفق منه سرا وجهرا » لا يخاف من أحد « هل يستون » يريد أن الاثنين المتساويين في الخلق إذا كان أحدهما مالكا قادرا على الانفاق دون الآخر لا يستويان فكيف يسوى بين الحجارة التي لا تعقل ولا تتحرك وبين الله عز اسمه القادر على كل شئ والرازق لجميع خلقه؟! وقيل : إن هذا المثل للكافر والمؤمن ، فإن الكافر لا خير عنده والمؤمن يكسب الخير « وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ » من الكلام ، لانه لا يفهم ولا يفهم عنه ، وقيل : معناه : لا يقدر أن يميز أمر نفسه « وهو كل على مولاه » أي ثقل ووبال على وليه الذي يتولى أمره « أينما يوجهه لا يأت بخير » أي لا منفعة لمولاه فيه أينما يرسله في حاجة لا يرجع بخير ولا يهتدي إلى منفعة « هل يستوي هو » أي هذا الابكم « ومن يأمر بالعدل » أي ومن هو فصيح يأمر بالحق و الصواب « وهو على صراط مستقيم » أي على دين قويم وطريق واضح فيما يأتي ويذر. وفيه (٢) أيضا وجهان : أحدهما : أنه مثل ضربه الله تعالى فيمن يؤمل الخير من جهته ومن لا يؤمل منه ، وأصل الخير كله من الله ، فكيف يسوي بينه وبين شئ سواه في العبادة؟.
والآخر أنه مثل للكافر والمؤمن : فالابكم : الكافر ، والذي يأمر بالعدل : المؤمن ، عن ابن عباس ، وقيل إن الابكم ابي بن خلف ، ومن يأمر بالعدل حمزة و عثمان بن مظعون ، عن عطاء ، وقيل : إن الابكم هاشم بن عمرو بن الحارث القرشي وكان قليل الخير يعادي رسول الله صلىاللهعليهوآله . (٣)
____________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٣٧٣.
(٢) أى في هذا المثل.
(٣) مجمع البيان ٦ : ٣٧٥.