وأمّا بالنسبة لجريان الاستصحاب في الصورتين الأوّليّين فلا يتمّ ؛ إذ في بعض شقوق مجهولي التاريخ لا يجري استصحاب عدم الكرّيّة ، كما اذا كان كلا الزمانين مجهولين ولكن نفرض أنّ زمان الملاقاة يحتمل تطابقه مع زمان الارتفاع ، كما إذا كان زمان الملاقاة مردّدا بين الساعة الأولى والثانية وكان زمان الارتفاع مردّدا أيضا بين هاتين الساعتين ، فإنّه يلزم من ذلك أمران :
الأوّل : أنّ الملاقاة إمّا متواجدة في الساعة الأولى وإمّا في الساعة الثانية.
الثاني : أنّ ارتفاع عدم الكرّيّة يعلم به في الساعة الثانية على كلّ تقدير ، أي سواء حصلت في الساعة الأولى أو في الثانية ، وهذا معناه أنّ زمان ارتفاع عدم الكرّيّة صار معلوما.
وحينئذ نقول : إنّ استصحاب عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة على نحوين :
فتارة يراد استصحاب عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة بما هو زمان الملاقاة ، فيكون الاتّصاف والتقيّد مأخوذا في الموضوع المركّب ، وفي مثل ذلك لا يجري استصحاب ذات الجزء كما تقدّم في بداية هذا البحث.
وأخرى يراد استصحاب عدم الكرّيّة إلى واقع زمان الملاقاة من دون التقيّد والاتّصاف بهذا الزمان ، فهذا وإن كان معقولا في نفسه ، إلا أنّه يلزم منه أنّنا إذا أجرينا استصحاب عدم الكرّيّة إلى واقع زمان الملاقاة فحيث من المحتمل أن يكون واقع زمان الملاقاة هو الساعة الثانية ؛ لأنّه مردّد بين الأولى والثانية ، وحيث إنّ الساعة الثانية يعلم فيها بارتفاع عدم الكرّيّة وحدوث الكرّيّة فيها ، فيكون هذا الاستصحاب يعبّدنا ببقاء عدم الكرّيّة إلى الساعة الثانية مع أنّه في هذه الساعة يعلم وجدانا بارتفاع عدم الكرّيّة وحدوث الكرّيّة فيها.
وبالتالي لا يكون رفع اليد عن الحالة السابقة المتيقّنة ـ أي عدم الكرّيّة ـ من باب رفع اليد عن اليقين بالشكّ ، بل يحتمل أن يكون من باب رفع اليد عن اليقين باليقين ، وهذا الاحتمال كاف للمنع من جريان الاستصحاب كما تقدّم في محلّه.
وبذلك لا يمكن إجراء الاستصحاب بالنسبة لعدم الكرّيّة في مثل هذا الفرض ، والوجه في ذلك : كون الزمانين من المحتمل تطابقهما معا.
ومن هنا يتبيّن أنّ ما ذهب إليه القول الثالث ـ من عدم جريان استصحاب بقاء