[ الأصل المثبت ]
وأمّا القسم الثاني ، فلا يثبت بدليل الاستصحاب ؛ لأنّه إن أريد إثبات اللوازم العقليّة بما هي فقط فهو غير معقول ، إذ لا أثر للتعبّد بها بما هي ، وإن أريد إثبات ما لهذه اللوازم من آثار وأحكام شرعيّة فلا يساعد عليه دليل الاستصحاب على التقادير الثلاثة المتقدّمة.
أمّا على الأوّل فلأنّ التنزيل في جانب المستصحب إنّما يكون بلحاظ الآثار الشرعيّة لا اللوازم العقليّة كما تقدّم في الحلقة السابقة (١).
وأمّا على الأخيرين فلأنّ اليقين بالحالة السابقة تعبّدا لا يفيد لتنجيز الحكم الشرعي المترتّب على اللازم العقلي ؛ لأنّ موضوع هذا الحكم هو اللازم العقلي ، واليقين التعبّدي بالمستصحب ليس يقينا تعبّديا باللازم العقلي.
وأمّا اللوازم العقليّة المترتّبة على المستصحب كنبات اللحية وكبر السنّ والهرم المترتّبة على استصحاب حياة زيد بعد فترة طويلة من السنين ، وكإثبات موته باستصحاب بقائه تحت الجدار إلى انهدامه ، وكإثبات كرّيّة الماء الموجود باستصحاب وجود الكرّ من الماء ، فهذه اللوازم لا تثبت بالاستصحاب ، وهذا ما يسمّى بالأصل المثبت ، ويقال عادة : إنّ الأصل المثبت لا يثبت.
والوجه في عدم حجّيّة اللوازم العقليّة المراد إثباتها بالاستصحاب هو : أنّه إن أريد بالاستصحاب إثبات اللوازم العقليّة بما هي هي من دون الآثار الشرعيّة المترتّبة عليها ، فهذا لغو ولا فائدة منه ، إذ لا معنى لأن يعبّدنا الشارع بنبات اللحية في حين لا يوجد أثر شرعي مترتّب عليها ؛ لأنّ مثل هذا التعبّد يكون لغوا ومخالفا لمقدّمات الحكمة.
__________________
(١) في بحث الاستصحاب ، تحت عنوان : مقدار ما يثبت بالاستصحاب.