فموضوع الركعة المفصولة هو الشاكّ بعدم الإتيان ، وهذا تدلّ عليه أخبار ركعات الاحتياط.
وفي مقامنا المفروض أنّ المكلّف شاكّ في الإتيان بالركعة الرابعة ، وهذا يعني عدم وجوب الركعة الموصولة عليه لانتفاء موضوعها وهو العلم الوجداني ، وهذا الشكّ يحقّق أحد جزئي موضوع وجوب الركعة المفصولة ؛ لأنّ موضوعها مركّب من جزءين ، الأوّل عدم الإتيان بالرابعة ، والثاني الشكّ في الإتيان بها.
أمّا الجزء الأوّل فهو ثابت وجدانا لفرض الشكّ ، وأمّا الجزء الثاني فهذا ما يتكفّل به الاستصحاب ؛ لأنّه يثبت لنا تعبّدا عدم الإتيان بالرابعة ؛ لأنّ الشكّ في الإتيان بها مسبوق بالعدم.
وبهذا يتحقّق لنا موضوع وجوب الركعة المفصولة ؛ لأنّ أحد الجزءين ثابت بالوجدان وهو عنوان الشكّ في الإتيان بالرابعة والثاني ثابت بالتعبّد وهو عدم الإتيان بالرابعة ، فتجب الركعة المفصولة لتحقّق موضوعها الواقعي.
وأمّا نسبة الركعة المفصولة إلى الاستصحاب كما هو ظاهر التعليل في الرواية فمن أجل أنّه حقّق الجزء الآخر من موضوعها بالتعبّد ، إذ الجزء الأوّل وهو الشكّ محقّق في نفسه وجدانا ، فكان التعليل بالاستصحاب ؛ لأنّه أثبت الجزء الأخير من الموضوع والذي عليه العمدة في ترتب الحكم ، وفي الدقّة الاستصحاب لا يثبت الركعة المفصولة ، وإنّما يثبت الجزء الأخير من موضوعها المفترض ثبوته واقعا في الشريعة.
وبتعبير آخر : أنّ أدلّة ركعة الاحتياط الدالّة على وجوب كونها مفصولة توجب الانقلاب والتبدّل والتغيّر في الحكم الواقعي لوجوب الإتيان بالركعة الرابعة الدالّ على وجوب الإتيان بها موصولة. فيصير هناك فردان أحدهما الرابعة الموصولة عند عدم الشكّ ، والرابعة المفصولة عند الشكّ.
ويمكننا أن نبيّن المطلب بنحو آخر وهو : أنّ الاستصحاب وإن كان مفاده التعبّد ببقاء المستصحب والمؤدّى كما هو الحال عند عدم الشكّ ، والذي يعني وجوب الإتيان بالرابعة موصولة ؛ لأنّ المتيقّن هو عدم الإتيان بالرابعة موصولة فهو الذي يستصحب.
إلا أنّنا لا بدّ أن نرفع اليد عن هذا الإطلاق لدلالة أدلّة ركعات الاحتياط على