والتكليف الوارد
في الآية هو الكلفة ، بمعنى إدخال الشيء في العهدة والذمّة واشتغالها به.
والمورد وإن كان
هو المال إلا أنّه لا مبرّر لتخصيص اسم الموصول المطلق به ، إذ المورد لا يخصّص
الوارد.
والإيتاء الوارد
في الآية يتضمّن الإعطاء ، فبالنسبة للمال يكون الإعطاء معناه الرزق ، وبالنسبة
للفعل يكون القدرة ، وبالنسبة للتكليف يكون الوصول والإيصال ؛ لأنّ معنى الإيتاء
لغة هو إعطاؤه الشيء وفيضه أيضا ، وهذا يعني الوصول بالنسبة للتكليف.
وقد
اعترض الشيخ الأنصاري رحمهالله
على دعوى إطلاق اسم الموصول باستلزامه استعمال الهيئة القائمة بالفعل والمفعول في
معنيين ؛ لأنّ التكليف بمثابة المفعول المطلق ، والمال والفعل بمثابة المفعول به ،
ونسبة الفعل إلى مفعوله المطلق مغايرة لنسبته إلى المفعول به ، فكيف يمكن الجمع
بين النسبتين في استعمال واحد؟
اعتراض
الشيخ الأنصاري رحمهالله على هذا الاستدلال بما حاصله : أنّ إرادة الجامع بين المال والفعل والتكليف
من اسم الموصول ، بحيث يكون مطلقا وشاملا لكلّ هذه المعاني يلزم منه محذور استعمال
اللفظ في أكثر من معنى.
وبيانه : أنّ
النسبة بين الفعل ( يكلّف ) واسم الموصول ( ما ) بناء على كون المراد المال أو
الفعل هي نسبة المفعول به ، أي نسبة الفعل إلى ما تعلّق به وانصبّ عليه ، بينما
النسبة بين الفعل واسم الموصول بناء على إرادة التكليف هي نسبة المفعول المطلق ،
أي نسبة الفعل إلى الحالة أو النوع التي صدر فيها الفعل من دون نظر إلى المتعلّق
الذي انصبّ عليه الفعل.
وحينئذ نقول : إنّ
نسبة المفعول به تختلف عن نسبة المفعول المطلق ، فإنّ الأولى نسبة شيء إلى شيء آخر
يغايره ، حيث إنّ الكلفة المستفادة من الفعل ( يكلّف ) تغاير المال أو الفعل ،
بينما الثانية نسبة الشيء إلى بعض حالاته وأنواعه أو كيفيّته فهي من نسبة الشيء
إلى نفسه ؛ لأنّ التكليف واحد في الفعل وفي اسم الموصول.
__________________