الأفرادي والأحوالي في أحد الطرفين خاصّة ، فأي مرجّح لأحد الدفعين على الآخر؟
الجواب الثالث : ما ذكره السيّد الخوئي أيضا : من أنّ رفع اليد عن الإطلاق الأحوالي في كلّ من الطرفين كما هو مدّعى المحقّق العراقي ليس بأولى من رفع اليد عن الإطلاق الأفرادي والأحوالي في أحدهما فقط ، فإنّ المحذور كما يندفع بما ذكره كذلك يندفع بهذا المقدار ، فيكون دليل البراءة مثلا جاريا في أحد الطرفين في جميع حالاته ، بينما لا يجري في الطرف كذلك ، والنتيجة جواز ارتكاب أحدهما فقط ؛ لأنّ الآخر لا يشمله إطلاق دليل الأصل.
وتوضيحه : إنّ لدليل الأصل إطلاقين أحدهما إطلاق أفرادي والآخر إطلاق أحوالي.
والإطلاق الأفرادي معناه الشمول لكلّ فرد بخصوصه ، والأحوالي معناه الشمول لكلّ فرد في كل حالاته.
ومحذور المخالفة القطعيّة كما يندفع برفع اليد عن الإطلاقين الأفراديّين ، وكما يندفع برفع اليد عن الإطلاقين الأحواليّين ، كذلك يندفع برفع اليد عن الإطلاق الأفرادي والأحوالي في أحد الطرفين فقط ، بأن يقال : إنّ دليل الأصل لا يشمل أحد الطرفين في جميع حالاته أي لا يجري فيه مطلقا سواء ترك الآخر أم لا وسواء كان قبله أم بعده ، فأي مرجّح لأحدهما على الآخر؟
وما دام لا مرجّح فيلزم تعارض هذه الإطلاقات ؛ وبالتالي تساقطها ، والنتيجة عدم جريان الأصل رأسا وهو المطلوب.
ويرد عليه : أنّ المرجّح هو أنّ ما يبقى تحت دليل الأصل بموجب الدفع الأوّل للمحذور ليس له معارض أصلا ، وما يبقى تحته بموجب الدفع الآخر الذي يقترحه له معارض.
والجواب : إنّ رفع اليد عن الإطلاق الأحوالي في كلّ من الطرفين كما ذكره المحقّق العراقي معناه أن يكون دليل الأصل شاملا لكلّ فرد بشرط ترك ارتكاب الآخر ، وهذا المقدار لا يوجد له معارض ؛ لأنّ الأصل لن يجري في الطرف الثاني حين جريانه في الطرف الأوّل الذي ارتكبه ؛ لعدم تحقّق شرط جريانها ، فيجري الأصل في أحدهما من دون معارض.