للقيود والشروط ، وكلّ ما هو موجود فعلا في الخارج فهو جزئي ؛ لأنّه متشخّص.
وحينئذ نقول : إنّه في الشبهة الحكميّة يكون الشكّ في الحكم بمعنى الجعل ، فمن يشكّ في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال معنى شكّه هذا أنّ الجعل هل صدر من الشارع أم لا؟ فهو شكّ في الجعل.
وفي الشبهة الموضوعيّة يكون الشكّ في الحكم بمعنى المجعول ؛ لأنّه من يشكّ في كون هذا السائل خمرا فهو يشكّ في ثبوت الحرمة فعلا لهذا السائل بعد علمه بجعلها في عالم التشريع ، فهو شكّ في فعليّة الحكم ؛ لأنّه يشكّ في تحقّق قيوده وشروطه.
وبهذا ظهر أنّ الشكّ في الحكم موجود في الشبهتين معا ، فيكون استعمال الهيئة في الإسناد الحقيقي متحقّقا بلحاظ كلتا الشبهتين ولا محذور.
والجواب : أنّ هذا التصوير معقول ثبوتا بناء على القول بأنّه يوجد نحوان من الحكم أحدهما الجعل والآخر المجعول ، إلا أنّ الصحيح أنّ الحكم له وجود واحد حقيقي وهو الوجود في عالم التشريع أي الحكم بلحاظ عالم الجعل فقط ، وأمّا الحكم بلحاظ مرحلة المجعول فهو وجود اعتباري ؛ إذ لا وجود حقيقي للمجعول مستقلاّ عن الجعل ، وإنّما هو تعبير آخر عن الجعل بلحاظ بعض مراتبه ومراحله ، وعليه فإرادة الحكم المجعول الاعتباري فيه عناية زائدة ؛ لأنّه منزّل منزلة الجعل الذي له وجود حقيقي وهذه عناية مجازيّة ، فيبقى الإشكال على حاله.
وأمّا الأمر الثاني : فقد يقال بوجود قرينة على الاختصاص بالشبهة الموضوعيّة من ناحية وحدة السياق ، كما يدّعى العكس ، وقد تقدّم الكلام عن ذلك في الحلقة السابقة (١) ، واتّضح أنّه لا قرينة على الاختصاص ، فالإطلاق تامّ.
الأمر الثاني بالنسبة لوجود القرينة فهناك قولان :
أوّلا : أنّه يوجد قرينة في الحديث تجعله مختصّا بالشبهة الموضوعيّة فقط ، وهذه القرينة هي وحدة السياق ، فإنّ ما لا يطيقون وما اضطرّوا إليه وما أكرهوا عليه ، إنّما هو الفعل الخارجي ، فيكون المراد من اسم الموصول في « رفع ما لا يعلمون » الفعل الخارجي أيضا حفاظا على وحدة السياق.
__________________
(١) في بحث الأصول العمليّة ، تحت عنوان : القاعدة العمليّة الثانويّة في حالة الشكّ.