العرفيّة ، وما دام جعل الحكم بداعي البعث والتحريك إذا فهو مشروط بالقدرة عقلا.
وبهذا ظهر أنّ القدرة إنّما تكون شرطا فيما يلي :
١ ـ في مرحلة الإدانة والعقوبة فلا إدانة ولا عقوبة على العاجز.
٢ ـ في مرحلة جعل الحكم بداعي البعث والتحريك ، فلا محركيّة ولا بعث بحقّ العاجز.
وأمّا في مرحلتي الملاك والإرادة فقد تكون دخيلة وشرطا ، وقد لا تكون شرطا فيهما.
وأمّا في مرحلة جعل الحكم كاعتبار محض فهي ليست شرطا فيمكن جعل الاعتبار مطلقا.
والقدرة إنّما تتحقّق في مورد يكون الفعل فيه تحت اختيار المكلّف فإذا كان خارجا عن اختياره فلا يمكن التكليف به لا إيجابا ولا تحريما ، سواء كان ضروري الوقوع تكوينا أو ضروري الترك كذلك ، أو كان ممّا قد يقع وقد لا يقع ، ولكن بدون دخالة لاختيار المكلّف في ذلك كنبع الماء في جوف الأرض ، فإنّه في كلّ ذلك لا تكون القدرة محقّقة.
معنى القدرة هنا : المراد من القدرة المبحوث عنها هو كون الفعل واقعا تحت اختيار المكلّف ، بحيث يمكن للمكلّف فعله أو تركه ، فالمكلّف القادر هو الذي يمكنه أن يفعل كما يمكنه أن يترك ، بحيث ينتسب الفعل أو الترك إلى اختياره.
فإذا لم يكن المكلّف مختارا في الفعل أو الترك لم يكن قادرا ، فتنتفي القدرة فيما إذا سلب الاختيار عن المكلّف في الفعل أو الترك ، ومع انتفاء القدرة لا تكليف لا إيجابا ولا تحريما.
فإذا كان الفعل ضروري الوقوع من المكلّف لم يكن مختارا ؛ لأنّه ليس قادرا على الترك فلا تكليف عليه كما في دقّات القلب مثلا ، فإنّها ضروريّة الوقوع منه.
وإذا كان الفعل ضروري الترك منه لم يكن مختارا ؛ لأنّه ليس بقادر على الفعل فلا تكليف عليه أيضا ، كما في الخروج من الأرض مثلا من دون وسيلة لذلك.
وهكذا الحال فيما لو كان الفعل ممّا يقع ولا يقع من المكلّف ولكن من دون اختيار منه ، أي أنّ الفعل في نفسه ممكن إلا أنّه ليس داخلا تحت إرادته مطلقا ، بل في بعض