عليه الذهاب إليه ، ولم يكن في أحدها أيّة أولويّة أو خصوصيّة معتبرة فالعقل يحكم بالتخيير فيما بينها.
وهكذا الحال بالنسبة لمتعلّقات الأحكام إذا كانت لها أفراد أو مصاديق أو حصص وكانت متساوية جميعا ، فالعقل يحكم بالتخيير فيما بينها.
وهذا الفرق بين التخيير الشرعي والتخيير العقلي ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما وقع الكلام عندهم في حقيقة التخيير في الواجب وكيفيّة تحليله ثبوتا ، مضافا إلى الخلاف في أنّ التخيير الشرعي هل يرجع إلى التخيير العقلي أو العكس هو الصحيح؟
ولذلك ينفتح البحث العقلي التحليلي في هذه القضيّة الفعليّة.
وهنا توجد عدّة اتّجاهات لتفسير الوجوب التخييري هي :
الاتّجاه الأوّل : أنّ الوجوب في موارد التخيير العقلي متعلّق بالجامع ، وفي موارد التخيير الشرعي متعلّق بكلّ واحد من البدائل ولكن مشروطا بترك البدائل الأخرى.
التفسير الأوّل : ما ذكره مشهور المتأخّرين ، وحاصله أن يقال : إنّ الوجوب في موارد التخيير العقلي متعلّق بالجامع بين البدائل أو الحصص ، فالشارع يصبّ حكمه على عنوان الجامع ، فهناك موضوع واحد وحكم واحد ، ويكون التخيير بلحاظ أنّ كلّ حصّة أو مصداق يحقّق هذا الجامع في عالم الامتثال ، ومن هنا يحكم العقل بالتخيير بينها.
بينما الوجوب في موارد التخيير الشرعي يتعلّق بكلّ واحد من هذه البدائل على سبيل التعيين ، ولكن وجوبه في كلّ منها مشروط بترك البدائل الأخرى ، وهذا معناه أنّه توجد وجوبات عديدة على عناوين متعدّدة ، فيتعدّد الوجوب بتعدّد الأفراد والحصص التي أخذها الشارع في لسان الدليل ، فيكون لكلّ حصّة وجوب تعييني ، ولكنّ هذا الوجوب ليس مطلقا وإنّما هو مشروط.
والوجه في عدم كونه مطلقا : أنّ الملاك والغرض من هذه الحصص سنخ ملاك يحصل ويتحقّق بأي فرد أو حصّة ، بحيث لا تكون الحصّة الأخرى بعد تحقّق الحصّة الأولى واجدة للملاك ، ولذلك لا يكون الأمر والوجوب متعلّقا بها بعد تحقّق غيرها.
وهذا معناه أنّه يوجد غرض واحد وملاك فارد يتحقّق بأيّة واحدة من هذه البدائل ،