ممّا يجعل منها نواميس تؤثر في صنع تأريخه وتعيين مصيره ، والمجتمعات الإنسانية مأمورةٌ بملاحظتها وبمجاراتها لأنَ في ذلك سعادة كلّ منها وفلاحه كمجموع من البشر ، حتى أن القرآن الكريم جعل لكل مجتمع من المجتمعات المختلفة ( الأُمم ) كتاباً خاصاً بكلّ واحد منها يحصي عليه أعماله كما إن للفرد الواحد كتاباً يحصي عليه أعماله ، فقال تعالى : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجاثية ـ ٢٨ / ٢٩. وهي ناضرة إلى حساب جماعي للمجتمعات ، كلُّ أمَّةٍ على حِدَه. وهي في قبال الآية الكريمة التي تقول : ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا. اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) الإسراء ـ ١٣. وهي تنظر إلى حساب فردي حيث يحاسَب كل فرد على حِدَه. وكأن القرآن الكريم يخبرنا بأن كل فرد منّا سيمثل أمام الله تعالى مرتين ، فمرّة يمثُل كفرد ويأتي بما قدّم من عمل كفرد فينجو من آمن وعمل صالحاً وجاء الله بقلب سليم ، ثم أنه يمثل مرّة ثانية كجزء من أمّة ، يقف موقفاً ثانياً يكون فيه وسط مجتمعه وقومه ليحضر حساباً من نوع آخر يُسأل فيه عما قدّم من عمل يكون له تأثير على الجماعة مما يتعدى تأثيره شخصَ العامل نفسه ، عملٌ