وقد نقلت من أمالي
أبي أحمد العسكري « خطب » كثيرة لصاحبنا « الحجاج » هذا نموذج منها :
أيها الناس قد أصبحتم
في أجل منقوص وعمل محفوظ . رب دائب مطيع ، وساع لغيره .
خذوا من أنفسكم
لأنفسكم ومن غناكم لفقركم ، ومما في أيديكم لما بين أيديكم .
الموت في أعناقكم
والنار بين أيديكم والجنة أمامكم . فكأن ما قد مضى من الدنيا لم يكن ، وكأن الأموات لم يكونوا .
وكل ما ترونه فهو
ذاهب . هذه شمس عاد وثمود وقرون كثيرة بين ذلك .
هذه الشمس التي طلعت
على التبابعة والأكاسرة وخزائنهم السائرة بين أيديهم وقصورهم المشيدة . ثم طلعت الشمس على قبورهم .
اين الملوك الأولون ؟
اين الجبابرة المتكبرون ؟ المحاسب الله والصراط منصوب وجهنم تزفر وتتوقد ، وأهل الجنة ينعمون في روضة يحبرون .
جعلنا الله وإياكم من
الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا .
ومن الغريب أن ينتقل
الكذب من الأحياء إلى الأموات . وأطرف ما عثرنا عليه في هذا الباب ما رواه ابن عبد ربه عن صديقنا « الحجاج الآنف الذكر حين قال :
« سمع صياح الحجاج في
قبره فأتوا إلى يزيد بن أبي مسلم فأخبروه فركب في أهل الشام فوقف على قبره فسمع فقال :
يرحمك الله يا أبا
محمد ! ! فما تدع قراءة القرآن حياً وميتاً » .
__________________