إذ ليس لبني أمية سبب إلى الخلافة ولا بينهم وبينها نسب . فاسباب الخلافة معروفة فمنهم من ادعاه لعلي ـ باجتماع القرابة والسابقة والوصية بزعمهم . فإن كان الأمر كذلك فليس لبني أمية في شيء من ذلك دعوى عند أحد من أهل القبلة . وإن كانت لا تنال إلا بالسابقة فليس لهم في السابقة قديم مذكور . بل كانوا ـ إذا لم تكن لهم سابقة ولم يكن فيهم ما يستحقون به الخلافة ـ لم يكن فيهم ما يمنعم منها أشد المنع كان أهون وكان الأمر عليهم ايسر ! ! فقد عرفنا كيف كان أبو سفيان في عداوته للنبي وفي محاربته وفي إجلابه عليه . . . ولا يكون أمير المؤمنين إلا أولاهم بالإيمان واقدمهم فيه . هذا وبنو أمية قد هدموا الكعبة وجعلوا الرسول دون الخليفة ، وختموا في اعناق الصحابة وغيروا أوقات الصلاة ، ونقشوا اكف المسلمين . . ثم إني ماذا أقول ـ يا عجبا ـ كيف يستحق خلافة رسول الله على أمته شرعا من لم يجعل له حقاً في سهم ذي القربى ؟ ثم كيف يقيم دين الله من قاتل رسول الله ونابزه وكايده وبذل جهده في قتله ؟ وليت إذ ولى بنو أمية الخلافة عدلوا انصفوا ! ! بل جاروا ـ في الحكم ـ وعسفوا واستأثروا بالفي كله وحرموا بني هاشم جملة ، وزادوا في العتو والتعدي حتى قالوا : إنما ذو القربى قرابة الخليفة منه . وحتى قرروا ـ عند أهل الشام ـ أن لا قرابة لرسول الله يرثونه إلا أولاد أمية . . . وحتى صعد الحجاج بن يوسف يوما أعواد منبره وقال ـ على رؤوس الاشهاد : أرسولك أفضل أم خليفتك ؟ يعرض بأن عبد الملك بن مروان أفضل من رسول الله (١) .
__________________
١ ـ المقريزي : النزاع والتخاصم ص ٥ ـ ٨ و ٢٧ ـ ٢٨ .