اللواء فقال (١) :
« يا بني عبد الدار نحن نعرف أنكم أحق باللواء منا . إنما أؤتينا ـ يوم بدر ـ من اللواء . وإنما يؤتى القوم من قبل لوائها . فالزموا لواءكم وحافظوا عليه . أو خلوا بيننا وبينه .
فغضب بنو عبد الدار وقالوا : نحن نسلم لواءنا ؟ لا كان هذا أبداً .
ثم أسندوا اللواء بالرماح واحدقوا به » .
وكانت هند زوج أبي سفيان لا تقل تحمساً عن زوجها في تأليب المشركين . وهي التي أغرت وحشياً على قتل عم النبي (٢) .
ذلك جانب من جوانب تعبير الأمويين عن مقتتهم للدين الحنيف . فقد شنوها ـ كما رأينا ـ حرباً شعواء لا هوداة فيها على النبي . ولم يثنهم اندحارهم في بدر عن مواصلة الكفاح المرير ضد الإسلام ومعتنقيه . فوقعت أحد ـ كما رأينا .
وكان الأمويون وحلفاؤهم من المشركين أن يناولوا من الرسول فيها بعد أن قتلوا عمه الحمزة ومثلوا به على شكل من الوضاعة قل أن يحدث في التاريخ .
__________________
١ ـ الواقدي : مغازي رسول الله ص ١٧٢ .
٢ ـ وكان وحشي عبدا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل . وقد قتل أبوها يوم بدر فقالت لوحشي إنك حر إن قتلت محمداً أو حمزة أو عليا لأنها لم تر في المسلمين كفوءا لأبيها غيرهم .
ومن الانصاف للتاريخ أن نشير هناك إلى أن حمزة لم يقتل نتيجة لشجاعة وحشي بل لظروف استثائية غير متوقعة . فقد كان صائماً ، وكمن له وحشي فقصده الحمزة فاعترض سبيله سباع ابن أم نمار فصرعه حمزة وأقبل إلى وحشي فزلت قدمه فضربه وحشي فأرداه قتيلا . فأقبلت هند فرحة فخلعت حليها وقدمتها لوحشي .
ثم بقرت بطن حمزة وأخرجت كبده فمضغتها وقطعت مذاكيره وأذنيه وجدعت أنفه . وكان ألم النبي على حمزة ممضا فوقف على جثته وقال : « ما وقفت موقفاً قط أغيظ إلى من هذا . . . أنني لن أصاب بمثلك أبداً » الواقدي : « مغازي رسول الله » ص ٢٢١ / ٢٢٢ .