فسلمان
الفارسي بنظر الإسلام أفضل من معاوية وأبيه العربيين . القرشيين . ذكر لمقريزي « إن أبا بكر كلم أبا سفيان فرفع صوته . فقال أبو قحافة : أخفض
صوتك يا أبا بكر عن ابن حرب . فقال أبو بكر يا أبا قحافة : إن الله بني في الإسلام بيوتا كانت غير مبنية . وهدم بيوتا كانت في الجاهلية مبنية . وبيت أبي سفيان مما هدم »
فموقف الأمويين من
الموالي إذن موقف لا يجيزه الاسلام من الناحية المبدئية العامة . وتتجسم بشاعة ذلك الموقف إذا تذكرنا أن قسماً كبيراً من الموالي ـ وبخاصة الفرس منهم ـ كانوا من أفاضل المسلمين الأمر الذي حمل ابن خلدون على القول بأن حمله العلم في الاسلام أكثرهم العجم .
قال ابن خلدون : « من
الغريب الواقع أن حملة العلم في الاسلام أكثرهم العجم لا من العلوم الشرعية ولا من العلوم العقلية إلا في القليل النادر وإن كان منهم العربى في نسبته ومرباه ومشيخته مع أن اللغة عربية وصاحب شريعتها عربي . . . فكان صاحب صناعة النحو سيبويه والفارسي من بعده والزجاج من بعدهما : وكلهم عجم في أنسابهم . وكذا حملة الحديث الذين حفظوا عن أهل الاسلام أكثرهم عجم . .
وكان علماء أصول
الفقه كلهم عجماً . . . وكذا حملة الكلام . وكذا أكثر المفسرين . ولم يقم بحفظه وتدوينه إلا الأعاجم . . . وظهر مصداق قول النبي : « لو تعلق العلم بأكناف السماء لنا له قوم من أهل فارس
» فأنت ترى أن الفرس ـ وهم الذين تطلق عليهم كلمة الموالي في الأعم الأغلب ـ قد برعوا في شتى صنوف المعرفة العربية الاسلامية .
__________________