واذا كان ذلك لا يوجد في ظاهره ، فهل يكون موجودا إلا في تأويله الذي أبان الله عزّ وجلّ يعلمه أولياءه؟ فقال سبحانه : ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (١). وهو الذي عنى علي عليهالسلام بقوله :
سلوني ، فإنكم لن تجدوا من أعلم بما بين اللوحين مني. فلو كان ذلك إنما عنى بظاهره لكان في الامة كثير يعلم ذلك ولا يخطئ فيه حرفا ، ولم يكن عليه عليهالسلام ليقول في ذلك على رءوس الأشهاد ما يعلم أنه لا يصح من قوله ، وأن غيره يساويه فيه ، أو يقارنه ، أو يدعي علم شيء منه معه ، ولو كان ذلك لنافسوه فيه وادعوه معه.
ففي هذا أبين البيان على مقامه ، وأنه ولي أمر الامة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ووصيه على ذلك الذي أقامه له كما أقام من تقدم من النبيين أوصياؤهم من بعدهم وعمدوا إليهم في ذلك وأودعوهم سرهم وأخبروهم عما يكون من بعدهم مما أوحاه الله عزّ وجلّ إليهم ، وجعله من العلم والحكمة عندهم سنة الله عزّ وجلّ في عباده : ( الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ) (٢).
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) الفتح : ٢٣.