قال : فقد وجب
تصديقنا في أنه أسلم قبل أبي بكر ، ودعواهم في أنه أسلم وهو طفل غير مقبولة إلاّ
بحجة.
قال : فان قال
قائل : وقولكم إنه أسلم وهو بالغ ، دعوى مردودة .
قلنا : أما
الإسلام فقد ثبت وحكمه قد وجب له بالدعوة والإقرار ، ولما دعاه النبي صلىاللهعليهوآله إلى الإسلام
وأمره بالإيمان ، وبدأ به قبل الخلق ، علمنا أنه لم يفعل ذلك به وإيمانه لا يجوز .
فإن قيل : قد يكون
فعل ذلك به تأديبا.
قلنا : إنما يكون
ذلك في دار الإيمان على النشوء والولادة ، فأما في دار الشرك والحرب ، فليس يجوز
لا سيما عند بدء الدعوة والنبي صلىاللهعليهوآله لم يكن ليدع ما امر به ، وأرسل إليه ، ويقصر الى دعاء
الأطفال ودعاءهم لا يجوز ، والدار دار الشرك ، فليس يجوز أن يشتغل بالتطوع قبل
الفريضة ، وما باله ولم يدع غير علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، وليس في سنّة
أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام ، ويفرق بينهم وبين آبائهم.
قال هذا القائل :
وللبالغ حدّ وحدود في الناس تفاضل في سرعة البلوغ وكمال العقول ، وذلك معروف فيما
عليه الناس من التفاضل في العلم. وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في صغر سنّه يعرف بالوقار والحلم والصدق ورجاحة العقل ،
وكانت منزلة النبي صلىاللهعليهوآله في ذلك على خلاف ما يتعارف من منازل الاطفال ، وكان علي
صلوات الله عليه لا حقا له في ذلك ، ولذلك استحق أن يكون منه بمنزلة هارون من موسى
عليهالسلام. وقد قال الله عزّ وجلّ في يحيى : ( وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا )
__________________