أجهد بنو أمية أنفسهم في أن يستروا فضائل أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه في أيام تغلبهم ، وظهور سلطانهم ، فأظهروا لعنه على المنابر ، وأخافوا كل من حمل من فضائله ، أو روى من مناقبه شيئا أن يذكرها فيه صلىاللهعليهوآله ، وعاقبوا بأشد العقوبات من نشر شيئا منها ، أو ذكره أو حدّث به ، وأبى الله جلّ ذكره إلا إظهار فضله ومناقبه ، وما زاده لعنهم إياه إلا تعظيما له في قلوب الامة ، وإجلالا ومعرفة بحقه ، وإقرارا بفضله.
وقد ذكر محمّد بن عبد الله الاسكافي (١) ، وهو من أهل الكلام والجدل من العامة ـ اختلاف الفرق في تفضيل علي عليهالسلام على سائر الصحابة والتفضيل عليه بعد أن ذكر فضله.
فقال : ونحن ذاكرون قول الذين قدموا غيره عليه وأفرطوا وقصروا فيه بين حروري وخارجي وبين حشوي ومعتزلي.
فقال هذا القائل : ففرقة زعمت أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وبعده عمر بن الخطاب ، وبعد عمر عثمان ، ثم أمسكت. وفرقة دانت بفضل أبي بكر وعمر ثم توقفت في عثمان وعلي. وفرقة دانت بفضل أبي بكر ووقفت فيمن بعده. وفرقة وقفت في الجميع ، وقالت : الله أعلم بالفضل أين هو. وفرقة دانت بإكفار عليّ والبراءة منه. قال : وهم الخوارج جميعا هذا قولهم. قال : وعلة إكفارهم إياه بزعمهم تحكيم الحكمين (٢). قال : وفرقة أظهرت الطعن على علي عليهالسلام وتولت معاوية. قال : وفرقة تولت عليا في ظاهر قولها ، ثم أظهرت له البغض فيما عرف من لحن قولها كما قال الله عزّ وجلّ : ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) (٣).
__________________
(١) في كتابه المعيار والموازنة وقد طبع اخيرا وقام بتحقيقه ونشره الشيخ محمّد باقر المحمودي. أما المؤلف فهو أبو جعفر وأصله من سمرقند توفي ٢٤٠ ه.
(٢) المعيار والموازنة : ص ٣١.
(٣) محمّد : ٣٠.