الوجوبيّة ؛ وذلك لأنّها ليس فيها مئونة زائدة بخلاف الإرادة الاستحبابيّة ففيها مئونة زائدة ، فتنفى بالإطلاق ويتعيّن ما لا مئونة زائدة فيه. والوجه في ذلك :
لأنّها لا تزيد على الإرادة بشيء فلا يحتاج حدّها إلى بيان زائد على بيان المحدود ، بينما تزيد الإرادة الضعيفة بحدّها عن حقيقة الإرادة.
إنّ الإرادة الشديدة حدّها وتعريفها هو نفسه تعريف الإرادة والطلب ؛ لأنّ الوجوب والإرادة الشديدة من سنخ الإرادة كما تقدّم ، فحدّهما واحد وهو الطلب الذي هو السعي نحو المقصود ، بشكل يحافظ فيه على المبادئ والداعي ويمنع من تخلّفها.
فالوجوب حدّه الإرادة والطلب بنحو يمنع من التخلّف والترك ، وهذا الحدّ الوجوبي ليس شيئا زائدا عن حقيقة الإرادة والطلب ؛ لأنّ إرادة شيء تمنع من تركه والتخلّف عنه ، ولذلك لا يحتاج هذا الحدّ إلى بيان زائد عن بيان أصل الإرادة ، فيكون اللفظ الدالّ على الإرادة هو بنفسه دالاّ على هذا الحدّ أيضا.
وأمّا الإرادة الضعيفة فحدّها وتعريفها يختلف عن حدّ الإرادة والطلب ؛ لأنّ ضعف الشيء ليس من سنخه ، بل يحتاج إلى شيء آخر يدلّ عليه ، فتعريف وحدّ الإرادة الضعيفة هو الإرادة والطلب مع الترخيص في تركه ومخالفته.
وهذا يختلف عن تعريف وحدّ الإرادة والإرادة الشديدة ؛ لأنّ حدّهما هو الطلب مع المنع من التخلّف والترك. ولذلك كان حدّ الإرادة الضعيفة يحتاج إلى بيان زائد على أصل وحقيقة المحدود ، وهذا البيان الزائد لا بدّ من دليل يدلّ عليه ، ولا يكفي ذكر ما يدلّ على أصل الإرادة والطلب فقط.
وحينئذ نقول : إنّه إذا ورد أمر ( أكرم العالم ) ولم يذكر فيه ما يدلّ على الحدّ الزائد للإرادة الضعيفة تعيّن كون المراد من الإرادة والطلب في صيغة الأمر هنا هو الإرادة الشديدة ؛ لأنّه يكفي في بيان حدّها ذكر المحدود ، أي الإرادة فقط ؛ لأنّ الحدّ في الإرادة الضعيفة أمر وجودي وهو ذكر الترخيص ، بينما الحدّ في الإرادة الشديدة أمر عدمي وهو عدم التخلّف والمنع من الترك ، والأمر العدمي يكفي السكوت عنه بخلاف الأمر الوجودي. فبالإطلاق وقرينة الحكمة تتعيّن الإرادة الشديدة وهي الإرادة الوجوبيّة.