٢ ـ أن يكون السندان معاً ظنّيين ، وهنا تسري المعارضة إلى السندين ، سواء كانت الدلالتان ظنّيتان أو كان أحدهما ظنّياً والآخر قطعياً ؛ لأنّ الدليل الذي نتمسك به حقيقة إنّما هو دليل حجّية السند وبه نثبت الظهور في حديث المعصوم بنحو الحكومة الظاهرية ـ كما في الكتاب ـ فليس لنا التمسك بدليل حجّية الظهور ابتداءً ، فمركز التعارض دليل حجّية السند ، غاية الأمر هذا التعارض قد لا يكون من جهة التكاذب ؛ لاحتمال صدور الحديثين المتعارضين ، بل بملاك اللغوية وعدم الفائدة في اثبات خبرين متعارضين في الظهورين وهو كالتكاذب موجب لسريان المعارضة إلى السندين وأن يكون مركز التعارض دليل حجّية السند.
وهنا أشكل السيد الشهيد بأنّه إذا كان هناك أثر مترتب على أصل صدور الحديث ، أي الجامع بين معناه الظاهر وغير الظاهر لابد وأن يقال بترتبه ، كما إذا دلّ دليل الأمر على الوجوب وكان يحتمل فيه الاستحباب ودلّ دليل على الاباحة بالمعنى الأخص ويحتمل فيه الاستحباب ، ولم يكن يحتمل التقية فيهما ، فإنّ ثبوت الاستحباب أو الرجحان حينئذٍ لازم عقلي لصدور الحديثين ، فلابد من ترتبه والحكم به لعدم التكاذب بين السندين ، بخلاف موارد التكاذب كما في الموضوعات ، أو فيما إذا نفى أحد الراويين نفس ما ينقله الآخر من النص ، مع انّه لا يلتزم بذلك في الفقه. نعم ، التزم السيد الشهيد بذلك في موارد الاجمال وموارد نقل الجامع ابتداءً ، وكأنّه لهذه الشبهة ذكر السيد الشهيد التقديرات الثلاثة لحجية السند واختار الأوّل منها ، وسوف يأتي انّه لا حاجة إليه ، بل ليس بصحيح ، وسيأتي في التعليق القادم انّه على كلّ حال يسري التعارض إلى السندين امّا بالتكاذب أو باللغوية ، فانتظر.