إلاّ أنّ هذا المبنى لا وجه له ، وإنّما نقبل تنجيز الخطاب بمعنى الاعتبار من باب الطريقية لا الموضوعية ، أي الاعتبار الناشىء من وجود الارادة خلفه ، إذاً فلا موضوع لاستصحاب بقاء الحكم وعدم نسخه على هذا المعنى للنسخ ما لم يحرز نشوئه من ارادة ومبادء الحكم وروحه ، ومع احراز ذلك لا يبقى شك في النسخ بهذا المعنى ليستصحب.
ومنه يظهر أنّ ما ذكر في الاجابة على شبهة المعارضة من أنّ استصحاب عدم الإرادة الزائدة لا ينفي التنجيز من ناحية بقاء الجعل أيضاً غير تام ؛ لأنّ منجزية الجعل والاعتبار ليست لنفسه ، وبنحو المعنى الاسمي والموضوعية بل باعتبار تولّده من الإرادة وروح الحكم ، وبنحو الطريقية ، فإذا كان في قباله استصحاب نافي للارادة الزائدة وروح الحكم بلحاظ الزمان الثاني كان مؤمناً ، فليس في البين منجزان مستقلان ، بل العقلاء يوسّعون نفس المنجز العقلي ، وهو روح الحكم إلى الأمر الاعتباري الذي له بقاء اعتباري.
وإن شئت قلت : بحسب نفس هذه النظرة العقلائية يرى التعارض بين اطلاقي دليل الاستصحاب في المقام أيضاً إذا قبلنا كبرى التعارض في الشبهات الحكمية.
نعم ، هنا دعوى عرفية اخرى : وهي أنّ العرف يرى النسخ بقاءً لنفس الإرادة ـ وإن كان واقعه تخصيصاً أزمانياً بالدقة ـ والميزان بالنظر العرفي ، فمع الشك في النسخ يكون إطلاق دليل الاستصحاب شاملاً لنفس الجعل والارادة ، ولا يكون بابه بحسب هذا النظر العرفي باب الشك في سعة الجعل وضيقه ليعارض باستصحاب عدم الجعل الزائد ، أو يقال بعدم منجزية الحكم والاعتبار إذا لم يحرز انّ ورائه أراده ؛ لأنّ نفس الإرادة المحرزة كأنّه يشك في بقائها ،