فليس الميزان في جريان الاستصحاب بعالم الملاكات والمقتضيات بل بالقضية الشرعية المجعولة وإن اريد رجوعها إلى الموضوع بحسب مفاد الدليل والقضية الشرعية فمن الواضح الفرق بين قولنا : العنب المغلي حرام والعنب إذا غلى حرم من حيث رجوع القيد في الثاني في مرحلة الاثبات والخطاب إلى الحكم لا الموضوع.
وهذا الاعتراض ناتج عن الخلط بين الموضوع بمعنى ما يكون معروضاً للحكم والموضوع بمعنى ما يكون مقدر الوجود وتكون فعلية الحكم والمجعول متوطأ بفعليته ، فإنّ الموضوع بالمعنى الأوّل يفهمه الميرزا قدسسره ولا يرجع قيود الحكم إليه ، كيف وهو المصرّح بذلك في بحث الواجب المشروط والمطلق برجوع القيد إلى الحكم والوجوب ، وكذلك في بحث المفاهيم ، وإنّما يريد بالموضوع هنا المعنى الثاني ، أي ما يكون فعلية الحكم متوقفاً على فعليته فيقول انّ قيد الحكم كالموضوع ـ بمعنى المعروض ـ من حيث انّ فعلية المجعول منوطة بفعليته بحيث لا فعلية للحكم قبل فعليته لأنّ وجه هذه الاناطة أخذ القيد مقدر الوجود في مقام جعل القضية الحقيقية ؛ لأنّ الأحكام ليست مجعولة على نهج القضايا الخارجية لكي يتصور جعل مطلق فيستصحب مثلاً ، وإنّما هناك جعل واحد بنحو القضية الحقيقية الكلية في صدر الشريعة ، وتمام القيود المأخوذة في الحكم أو في الموضوع كنفس الموضوع ـ بمعنى المعروض ـ تؤخذ في تلك القضية مقدرة الوجود لجعل الحكم عليها ، وفي فرض وجودها وتحققها ، فكما لا مجعول شرعي فعلي قبل تحقق الموضوع بمعنى المعروض لكي يستصحب ، كذلك لا مجعول ولا يقين سابق بالحكم بمعنى المجعول الفعلي قبل تحقق قيود الحكم.