كما أنّ صيغة جواب برهان الشيخ ينبغي أن يكون هكذا : إنّ اختيارية فعل لا تتوقف على أن تكون تمام أبواب ومقدمات وجوده اختيارية بل يكفي في ذلك أن يكون واحد منها اختيارياً ، وهذا ثابت في المعصية فإنّ ارادة الفعل كانت اختيارية. نعم ، في التجري لم يتحقق الفعل لأمر غير اختياري فلا يكون فيه استحقاق للعقاب لانتفاء الموضوع لأمر غير اختياري فليس عقاب العاصي لأمر غير اختياري.
ثمّ انّ صريح الكفاية القول باستحقاق المتجري للعقاب واللوم مع انّه أنكر قبح الفعل المتجرىء به لكونه غير اختياري مع وضوح شرطية الاختيارية في العقوبة أيضاً.
والمستظهر من ذيل كلامه انّ ما عليه استحقاق العقوبة إنّما هو العزم على العصيان والاقدام عليه ، وكأنّه يرى انّ هذا العزم والارادة المستتبعة لتحريك العضلات هو المستحق عليه العقوبة فيمكن أن يكون هو القبيح أيضاً.
والظاهر انّ منشأ الاستشكال عندهم الغفلة عن انطابق عنوان الهتك للمولى أو الخروج عن أدب عبوديته أو عنوان الاقدام على المعصية على نفس الفعل المتجرى به غاية الأمر انّه عنوان ثانوي فليس مقصود من يحكم بقبح الفعل المتجرى به قبحه بعنوانه الأولي.
استدلّ لحرمة التجرّي شرعاً ـ مع قطع النظر عن الروايات الخاصة التي سيأتي التعرّض لها ـ تارة : بالتمسّك باطلاق أدلّة التكاليف ، واخرى : بقانون الملازمة ، وفيما يلي توضيح وتفصيل ذلك :