الجمال أمر غير موضوعي بل يرتبط بميل الطبع ونفرته عن الشيء. وهذا هو معنى انّ هذه القضايا ليست قضايا تصديقية إلاّبنحو من التأويل بأن يكون المقصود التصديق بثبوت تلك الطبيعة الاشتياقية والرغبة العقليّة نحو الأمر الحسن والنفرة والكراهة العقلية عن القبح ، وامّا ما يذكره بعض من أن المدركات العقلية العملية ادراكات نظرية لتوقف الكمال الانساني المنشود على الفعل أو الترك والتعبير عن ذلك بصيغة انشائية مجرد تفنّن عقلي في التعبير غير تام أيضاً ؛ إذ ماذا يراد بالكمال والجمال غير نفس المدركات العقلية العملية بعد وضوح عدم إرادة الكمال الوجودي بمعنى الوجوب في قبال الامكان في الوجود أو السعة في الوجود ، وإلاّ كان كربط المدركات العقلية في باب التحسين والتقبيح بالمصلحة والمفسدة ، والله العالم بحقائق الامور.
الجهة الثالثة ـ في حدود هذه القضايا وموضوعها ، وهنا للسيد الشهيد كلمات ثلاث :
الكلمة الاولى : انّ قضيتي حسن الفعل وقبحه واستحقاق العقوبة أو عدم استحقاقها عليه قضيتان موضوع احداهما غير موضوع الاخرى وليس احداهما عين الاخرى لأنّ الحسن والقبح معناه الانبغاء واللا انبغاء وحينئذٍ تارة يلاحظ فعل الإنسان نفسه فيقال انّه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل فيسمى بالحسن والقبح واخرى يلاحظ فعل الآخرين وموقفهم تجاه فاعل القبيح والحسن فيقال ينبغي عقابه ـ إذا كان مولاه ـ أو لومه أو لا ينبغي فيسمى باستحقاق العقوبة أو اللوم وعدم استحقاقها ، وسوف يأتي في الكلمة الثالثة أثر هذا التفكيك.
ويلاحظ عليه : انّ العقاب أو اللوم والذم وإن كان فعل الغير إلاّ أنّ تمام