الموضوع لهما الفعل القبيح الصادر من الإنسان فما يستحق فاعله الذم والعقاب نفس القبيح وليس شيئاً آخر.
وإن شئت قلت : انّه ليس حكم العقل وتجويزه للوم أو العقاب من قبل الغير مدركاً عقلياً آخر له ملاك مستقل وراء ما أدركه من القبح في فعل الفاعل وما يستحقه عليه. بل ذم العقلاء عبارة اخرى عن وصف فعله بالقبيح ونفرة العقل العملي عن فاعله كما انّ عقاب مولاه ليس بمعنى انبغاء العقاب كيف وقد يحسن العفو بل بمعنى أنّ له أن يعاقبه على فعله باعتباره مولاه ، نعم هناك مدرك عقلي آخر وهو أنّ غير مولاه لا يحق له عقابه لكونه ظلماً مع عدم المولوية وعدم الحق عليه وذاك مطلب آخر لا ربط له بالبحث. وعليه فموضوع استحقاق العقوبة نفس موضوع القبح ولا يكون أحدهما غير الآخر وهو معنى وحدة القضيتين في هذا البحث.
الكلمة الثانية : أنّهم أرجعوا مدركات العقل العملي إلى حسن العدل وقبح الظلم أي انبغاء العدل وعدم انبغاء الظلم وهذه القضية رغم صحة مضمونها نتيجةً ، إلاّ أنّها من الناحية المنطقية قضية بشرط المحمول ، إذ المراد بالظلم سلب الحق من ذي الحق والحق لا يراد به الحق الجعلي بل العقلي الذي يرجع لا محالة إلى ادراك عقلي بعدم الانبغاء ، وهذا معناه انّه لابد من أخذ عدم الانبغاء والقبح الثابت في طرف المحمول في موضوع القضية ، نعم يمكن أن تكون هذه القضية تجميعاً للقضايا الأولية واشارة اليها فالمدركات العقلية هي قبح الخيانة والكذب والهتك للمولى وهكذا.
ويمكن التعليق على هذا الكلام بأنّ الوجدان يرى الفرق بين باب قبح الظلم