فهذا الوجه والوجه السابق تصحيحان للوجه الثالث أحدهما من ناحية لغوية الأمر بقصد الأمر لعدم داعوية زائدة فيه على الأمر بذات الفعل ، والآخر من ناحية امتناع داعويته ونتيجة الوجهين واحدة ، وهي عدم قابلية المحركية والداعوية في الآمر الضمني بقصد الأمر زائداً على محركيّة وداعوية الأمر بذات الفعل ، فإذا كانت قابلية الداعوية قوام الأمر لم يعقل انبساط الأمر الضمني على هذا القيد ، فلا يعقل أخذه في متعلق الأمر ، بخلاف سائر القيود.
نعم ، يمكن أخذه ارشاداً إلى بقاء الأمر بذات الفعل إذا جييء به بلا قصد الأمر ، وهذا مدلول اخباري وليس أمراً ، فأخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر ثبوتاً غير معقول.
وجواب هذا الوجه أيضاً ظهر مما تقدم في ردّ الوجه الثالث من أنّ المراد بقابلية المحركية والداعوية ما يوجد في الأوامر التوصلية أيضاً أي ما يصلح لحفظ غرض المولى وتحريك المكلّف من قبل الأمر كلما لم يتحقق مطلوبه بفعل العبد ولو لأنّه جاء به لغرض آخر ، وليس المقصود من الداعوية خصوص قصد الأمر ، وإلاّ لانقلبت الأوامر التوصلية تعبدية ، وهذا المقدار محفوظ في المقام أيضاً ؛ لأنّ فائدة الأمر بقيد قصد الأمر وأخذه تحت الأمر انّه إذا جاء بالفعل بلا قصد أمره أعاده مع قصد الأمر وداعويته نحو ذات الفعل الذي فرضنا أنّه ممكن ، وهذه محركيّة زائدة لحفظ غرض المولى ومطلوبه لم تكن لو كان الأمر متعلقاً بذات الفعل مطلقاً وبلا قيد ، أي لو كان الأمر توصّلياً.
لا يقال : هذا معناه أنّ الأمر الضمني بالقيد أي قصد الأمر هو الذي حرّكه وأصبح داعياً له نحو الاتيان بالمركّب ، والذي بضمنه قصد الأمر الذي لا يراد به