فـ ( ـلو كان ذلك ) منه ( مع الضرورة نادرا لم يقدح في شهادته ) كما صرح به جماعة ، بل قيل : إنه الأشهر بين المتأخرين.
هذا وفي المسالك تبعا للتحرير والدروس « في حكم السائل الطفيلي ـ ثم قال ـ : والمراد بالسائل بكفه من يباشر السؤال والأخذ بنفسه ، والسؤال في الكف كناية عنه » وفيه ما لا يخفى من النظر في الأول مع فرض العدالة فيه ، بل والثاني ، ضرورة كون المنساق منه من يدور على الأبواب وعلى الناس في سؤال الشيء اليسير من الخبز ونحوه ، لا كل من سأل بنفسه ولو كان على طريق من الوقار وإن صرح بالحاجة وطلب الإعانة ونحو ذلك ، كما يستعمله الآن أكثر أبناء الزمان من طلبة العلم والخدمة وغيرهم.
ثم إنه قد يستفاد من النصوص المزبورة بل والفتاوى عدم حرمة السؤال بالكف فضلا عن غيره ، وإلا لكان المتجه فيه تعليل رد الشهادة به ، اللهم إلا أن يحمل ذلك على عدم الحكم بفسقه بمجرد سؤاله بالكف الذي يمكن أن يكون لضرورة ، إذ فعل المسلم محمول على الوجه الصحيح مع الإمكان ، فترد شهادته لسؤاله وإن كان على ظاهر العدالة.
ولكن لا يخفى عليك أن هذا بعد فرض معلومية حرمة السؤال ولو بالكف مع فرض عدم التدليس به ، كما لو صرح بغنائه عن ذلك ، وهو وإن كان مغروسا في الذهن والنصوص مستفيضة بالنهي عن سؤال الناس (١) لكن كثيرا منها محمول على بعض مراتب الأولياء ، وهو الغناء عن الناس والالتجاء إلى الله تعالى وآخر محمول على المدلس بإظهار الحاجة والفقر لتحصيل المال من الناس بهذا العنوان ، وهم الذين يسألون الناس إلحافا عكس الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ، وأما حرمة السؤال من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ و ٣٢ ـ من أبواب الصدقة ـ من كتاب الزكاة.