نعم لا تمنع اصطلاح القائلين بالإحباط على ذلك ، إذ ( لكل فريق اصطلاح ) ولكن عليه لا تتحقق الصغيرة في نوع من أنواع المعاصي ، ضرورة أن القائل به يعتبر الأكثر من الطاعة والمعصية فيثبته أجمع أو يثبت منه ما زاد عن مقابله من أي نوع كان من أنواع المعاصي ، فربما كانت المعصية المخصوصة تحبط عن شخص وتبقى على آخر.
( و ) كيف كان فـ ( ـلا يقدح في العدالة ترك المندوبات ولو أصر مضربا عن الجميع ) إذ الورع والعدالة في ما يجب عليه ويحرم نعم قال المصنف والفاضل وغيرهما ( ما لم يبلغ ) ذلك ( حدا يؤذن بالتهاون بالسنن ) بل في المسالك « لو اعتاد ترك صنف منها كالجماعة والنوافل ونحو ذلك فكترك الجميع ، لاشتراكهما في العلة المقتضية لذلك ، نعم لو تركها أحيانا لم يضر ».
ولكن الانصاف عدم خلوه من البحث إن لم يكن إجماعا ، ضرورة عدم المعصية في ترك جميع المندوبات أو فعل جميع المكروهات من حيث الاذن فيهما فضلا عن ترك صنف منها ولو للتكاسل والتثاقل منه ، واحتمال كون المراد بالتهاون الاستخفاف فيه يدفعه أن ذلك من الكفر والعصيان ولا يعبر عنه ببلوغ الترك حد التهاون ، كما هو واضح.
بقي شيء : وهو أن المصنف لم يتعرض للمروة في قادح العدالة وكأنه لم يجعل تركها قادحا أو يتوقف في ذلك ، وهو قول محكي عن بعض العلماء من حيث إن منافيها مناف للعادة لا الشرع ، والمحكي عن الأشهر اعتبارها في الشهادة ، سواء جعلناها شطرا من العدالة كما هو المشهور بناء على أن العدل هو الذي تعتدل أحواله دينا ومروة وحكما أم خارجة عنها وصفة برأسها.
قال في محكي المبسوط : « العدالة شرعا أن يكون عدلا في الدين