ثمّ كنت ، وقد علمت
أنك لم تكوّن نفسك ، ولا كوّنك من هو مثلك » .
ثانياً ـ قانون الغائية : وموجبه أنّ
كلّ نظام مركّب متناسق مستقرّ ، لا يمكن أن يحدث من غير قصد ، وأن كلّ قصد لا بدّ
أن يهدف إلى غاية ، وأنّ هذه الغاية إذا لم تحقّق إلاّ مطلباً جزئياً إضافياً
منقطعاً ، تشوّقت النفس من ورائها إلى غاية أُخرى ، حتّى تنتهي إلى غاية كلية
ثابتة ، هي غاية الغايات ، وذلك لأنّ الإنسان ما انفكّ يوماً عن السؤال عن ثلاثة
أشياء ، أرّقت مضجعه ، وحيّرت عقله ، وجعلته في فكر دائم وهي : إنّه من أين أتى ؟
وإلى أين هو قاصد ؟ ولماذا خُلِق ؟
أترى أن هذا الإنسان يعيش في هذه الحياة
بلا غاية ولا هدف يسير نحوه وإليه ؟ أتراه قائماً على وجه يتخبّط في سير حياته ،
لا يدري إلى أين يريد ، ولماذا وجد ، ولماذا يموت ؟!
إنّ من السخف أن يفكر الإنسان بأنّ
وجوده عبث ؛ لأنّه بذلك يسلب إنسانيته وفكره وحضارته ، وكلّ نتاج بشري في جميع
الأصعدة ، فلا تستقيم حكمة الوجود إلاّ بضرورة وجود غاية لهذا الوجود ، وهنا يبحث
هذا الإنسان عن الغاية.
ولكن ربما أخطأ الإنسان في معرفة تلك
الغاية ، فتصوّر أن الخالق هو ذلك الصنم الذي يرمز إلى قوة خفية ، أو أن الخالق هو
الشمس أو القمر أو النجوم أو غيرها ، ولكن الذي ينبغي قوله : إن الإنسان لا يصل
إلى هذه المراحل الخسيسة إلاّ بعد أن يعجز ـ بحكم أشياء عديدة ـ عن الوصول إلى
الحقيقة ، لذلك نراه يتعلق بهذه الأشياء ليسدّ هذا الفراغ والحاجة النفسية
__________________