لقد أثبت « نيوتن » أنه لا وجود لاِله يحكم النجوم ، وأكد « لابلاس » بفكرته الشهيرة أنّ النظام الفلكي لا يحتاج إلى اُسطورة لاهوتية ، وقام بهذا الدور العالمان « دارون » و « باستور » في ميدان البيولوجيا ) (١).
والذين يطرحون هذه النظرية عديدون على رأسهم « تايلر » ، و « سبنسر » ، و « راسل » (٢).
مناقشة النظرية :
إن هذه النظرية ـ كما هو واضح ـ تجعل جهل الإنسان بالسبب الطبيعي للظواهر الكونية أو الطبيعية ، علة لنشوء واعز الدين في نفسه ، فالجهل هو الذي يشده إلى العالم الغيبي ، طلباً للمعونة ، وخوفاً من الأخطار ، فهو يتصوّر أن في تلك الظواهر روحاً لا بد أنّ يتقرب إليها ، ويتملّق لها كسباً لرضاها ، ودفعاً لغضبها ، وعلى هذا لا بدّ أن يزول الدين بمجرد معرفة الأسباب الطبيعية لتلك الظواهر.
لكنّ هذا التفسير لا يصمد أمام النقد ، كما أنّ هؤلاء لا يستطيعون أن يقدّموا البرهان الواقعي لفكرتهم ؛ لاَننا نرى أن الناس يزدادون تديناً كلما ازدادوا علماً ، بل إن العلماء أكثر تديناً من الجهلاء ، وما ذلك إلاّ لكون العلم لا يؤدّي إلى الالحاد ، في أيّ عصرٍ من العصور ، فالعالم المنقّب عن الحقائق يجد في هذا الوجود عالماً لا حدود له ، يسوده نظام محكم دقيق ، بلا فوضى ولا اختلاف أو تخلف ، فلا يلبث بعد النظر والتأمّل أن يقع ساجداً لله ، الّذي أوجد هذا الكون العظيم وما يحمل من أسرار وحقائق ، وصدق
__________________
(١) دور الدين في حياة الإنسان / الآصفي : ٦١.
(٢) الفطرة / المطهري ١٣٨.